الخوري للبنان ٢٤: الدولار لن يتخطى ١٠٠ الف ليرة

يحاول المواطن اللبناني ترتيب أموره حياته على الرغم من عدم الاستقرار الذي تعاني منه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولربما يشكل التفلّت الحاصل في سوق الدولار، أحد اهم العوامل التي تمنع المواطن من وضع تصوّر واضح يقوم من خلاله بترتيب أولوياته وتحديد ما هو مهم وما هو غير مهم فيها.

وانطلاقا من هنا، يسعى الجميع الى متابعة حركة الدولار وما يرافقها من أنشطة معيشية واقتصادية مرتبطة فيها ارتباطا وثيقا.

لذلك، كيف يبدو مسار الدولار خلال الفترة المقبلة؟ وهل عوامل ثباته باتت جاهزة؟

في هذ الاطار، اكد الخبير الاقتصادي الدكتور بيار خوري لـ”لبنان 24” ان “اي انتعاش في الحركة التجارية في لبنان لا يمكن وضعه في خانة النتيجة المباشرة لحركة الاقتصاد اللبناني، انما يمكن اعتباره ثمرة طبيعية لاقتصاد التحويلات واقتصاد “الكاش”، وهنا يمكن الحديث عن نظامين اقتصاديين يتحكمان بالحركة التجارية في لبنان، ليس لهما اي ارتباط وثيق ومباشر في العوامل الأساسية التي تؤثر على النمو الاقتصادي، اذ ان التحويلات المالية لا تدخل في احتساب الناتج العام واقتصاد “الكاش” مليء بالانشطة التي لا يمكن لأي أحد ان يحددها بشكل واضح ودقيق”.

ويضيف : “مسار سعر الصرف، منذ بداية العام 2023 وحتى تاريخ اليوم، يمكن اعتباره مسارا يعبّر عن نوع من الغرابة السلوكية، اذ انه خلال الاشهر الـ3 الاولى من هذه السنة اتخذ الدولار منحى تصاعديا بنسبة 250%  وتخطى الـ100 الف ليرة لبنانية بكثير.
وبعدها عاد الدولار ودخل في مرحلة من الثبات، وهذا الثبات بدا موقتا بالنسبة للكثيرين الذين اكدوا ان الدولار سيتابع رحلة الارتفاع العشوائي بعد انتهاء فترة الاعياد، لكن الواقع ظهر مغايرا لهذه التوقعات..

وقال خوري ان ” تبرير الاستقرار في سعر الصرف المستمر أقله حتى اليوم، يكون في النظر الى الارتفاع الكبير الذي اصاب سوق الدولار، اذ انه انتقل خلال فترة وجيزة جدا من الـ40 الف ليرة الى ما يعادل الـ100 الف ليرة لبنانية، وهذا ما مكّن مصرف لبنان من اقامة نوع من الثبات في سعر الصرف حتى لو كان هذا الثبات مرتفعاً.

لذلك، ولفهم عملية ثبات سعر صرف الدولار التي يشهدها السوق اليوم، لا بد من العودة الى نسبة الارتفاع الضخمة التي طالته والتي من خلالها يمكن الحديث عن نوع من فترة سماح يكون فيها سعر الدولار ثابتا الى حدّ معين.
كما انه لا بد من الاشارة الى ان الثبات الحاصل في سعر الدولار، تم الوصول اليه من خلال الحركة الاقتصادية الجيدة التي شهدتها البلاد خلال فترة الاعياد السابقة اي عيدي القيامة عند الطوائف المسيحية وعيد الفطر عند المسلمين.
وهذه الاستفادة من الاعياد قد تطول مدتها الزمنية لتتلاقى مع منافع الموسم السياحي المتوقع خلال فصل الصيف المقبل”.

واشار الدكتور خوري الى انه ” ووفقا للاستطلاعات والتوقعات، فان الموسم السياحي المقبل سيكون مزدهرا، الا اذا طرأت بعض الاحداث غير المتوقعة، وبالتالي يمكن القول ان الأسواق لديها القدرة ان تقوم بعملية التوزان في ما يتعلق بحاجتها الى الدولار، وذلك دون العودة الى مصرف لبنان اي دون قيام المركزي ببعض التدخلات التي سبق وشهدناها في مراحل مختلفة.

ومن ناحية أخرى، يمكن القول ان الزيادات المتوقعة على رواتب القطاع العام يمكن ان تؤثر بشكل سلبي على نسبة الطلب على الدولار، لكن ما يمكن ان يلعب دورا ايجابيا في منع عودة تفلت الدولار بشكل كبير هو موضوع الجباية التي تقوم بها الدولة.

وانطلاقا من هنا، يمكن القول انه خلال هذه المرحلة اصبح للدولة مصادر دخل يمكن القول انها تقريبا تتخذ طابعا ثابتا وذلك من خلالها تحديدها وفقا لمنصة (صيرفة)، وبالتالي لا يمكن الحديث عن خطر مباشر على سعر صرف الليرة اللبنانية، بمعنى انه لا اجواء تشير الى امكانية ارتفاع الدولار بشكل كبير ومفاجىء اقله حتى انتهاء فترة فصل الصيف المقبل”.

ويختم خوري مؤكدا ان “هناك مجموعة استحقاقات سياسية في البلاد تحتاج لنوع من الاستقرار النقدي حتى يتم تمريرها بسلاسة ان صح التعبير، ابرزها انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة وانتخاب رئيس للجمهورية.
كما ان المناخ التوافقي الذي يسير في المنطقة، لا يمكن ان يعاكسه لبنان، وبالتالي لا يمكن ان يستمر سعر الدولار بالارتفاع دون ضوابط في لبنان، لما في ذلك من تأثير مباشر على الواقعين الأمني والاجتماعي”.

الخوري يتحدث لسبوتنيك حول مستقبل نظام سويفت: كل نظام يفقد طبيعته النبيلة سوف يسقط مع الوقت.

قال الخبير الاقتصادي، بيار خوري، إن نظام سويفت يتعرض لضغوط هائلة، مشيرا إلى أن السبب يأتي لاستخدامه في ملفات سياسية وأنه أصبح آداة للعقوبات.
وأوضح، في حديث مع “راديو سبوتنيك” أنه كان من المفترض أن يبقى سويفت نظاما محايدا وألا تدخل عليه صراعات الدول ومصالحها، أويستخدمه الغرب لمعاقبة خصومهم في السياسة والاقتصاد، مشددا على أن كل نظام يفقد طبيعته النبيلة سوف يسقط مع الوقت.
وتابع: “بعد العقوبات الغربية ضد روسيا لاحظنا حركة متسارعة من الدول لاعتماد وسائل دفع تبادلية خارج نظام الدولار، مما يؤدي إلى تحول نوعي وانهيار نظام سويفت بصفته نظامًا عالميًا.
وشدد على أن نظام سويفت حفر قبره بنفسه من خلال كونه أصبح أداة للعقوبات، لكنه قد يستمر أداة للغرب، لكن كنظام محايد للتبادلات الدولية فإنه فشل في تحقيق ذلك.
وقال إن ذلك يتوافق مع تحولات في طبيعة الاقتصاد الدولي، حيث لم يعد الاقتصاد الأمريكي قائدا، في ظل تواجد قوى عملاقة عالميا تتمرد على قوة اقتصاد الولايات المتحدة وتطرح بدائل جديدة بناء على المصالح المتبادلة وليس ضمن نظام الدولار.
واليوم أعربت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو، أنه مع تطوير أنظمة جديدة للتسويات المالية الدولية، بما في ذلك نظام “سبيربنك” الروسي، فإن احتكار منظومة “سويفت” للتعاملات المصرفية، طويل الأمد في هذه السوق، سيصبح أخيرا، شيئًا من الماضي.
وقالت ماتفيينكو، خلال جلسة لمجلس الاتحاد، الذي شارك فيها رئيس مصرف “سبيربنك” غيرمان غريف: “يمكن استخدام قدرات مؤسساتنا المالية، بما في ذلك “سبيربنك”، لتشكيل نظام آمن ومستقر للتسويات المالية الدولية”.
وأشارت إلى أن مصرف “سبيربنك” بدأ بالفعل بالتعامل بشكل جوهري مع هذا الموضوع، وخلصت إلى القول: “نأمل في النهاية أن يصبح احتكار نظام “سويفت”، في هذه السوق شيئًا من الماضي قريبًا جدًا”.

هل يستطيع اللبنانيون اقتناص فرص السوق الصيني المتزايد الانفتاح على الاستيراد؟ مقال الضيف في وكالة شينخوا الصينية. بقلم د. بيار الخوري

زادت صادرات لبنان إلى الصين من 1995 إلى 2020 بمعدل سنوي قدره 17,5 في المائة، من 470 الف دولار أمريكي إلى 26,2 مليون دولار، وفقًا لمرصد ايكونوميك كومبلكسيتي.

تشمل الصادرات اللبنانية الرئيسية إلى الصين المواد الكيميائية والمنسوجات والمنتجات الطازجة مثل الفواكه والخضروات. بالإضافة إلى ذلك، قام لبنان بتصدير المزيد من الأطعمة المصنعة، مثل السلع المعلبة والوجبات الخفيفة المعبأة، إلى الصين في السنوات الأخيرة.

دفعت الطبقة الوسطى المتنامية في الصين والطلب المتزايد على المنتجات الفريدة عالية الجودة الطلب الصيني على السلع اللبنانية. كما سعى المصدرون اللبنانيون بنشاط إلى أسواق جديدة مثل الصين لتنويع قاعدة عملائهم وتوسيع أعمالهم.

في حين لا يزال هناك مجال للنمو في هذه العلاقة التجارية، فإن زيادة الصادرات اللبنانية إلى الصين هي علامة إيجابية لاقتصاد البلاد ودرجة اندماجه في السوق العالمية.

اكتسبت العلامات التجارية اللبنانية مؤخرًا شعبية كبيرة في الشرق الأوسط والعالم. تقوم العديد من الشركات اللبنانية بتصدير منتجاتها إلى دول مختلفة، بما في ذلك الصين.

بعض العلامات التجارية اللبنانية الأفضل أداءً في الصين هي باتشي (الشوكولاتة الفاخرة مع العديد من المنافذ في المدن الصينية الكبرى) وإيلي صعب (علامة تجارية راقية للأزياء يرتديها العديد من المشاهير في جميع أنحاء العالم. تجدر الاشارة الى ان إيلي صعب لديه متجر رئيسي في شنغهاي).

العلامتان التجاريتان المذكورتان من أفضل الأسماء اللبنانية أداءً في الصين. ومن العلامات التجارية اللبنانية البارزة الأخرى التي وصلت إلى الصين زهير مراد وكارين تشيكردجيان وشاتو كسارا وآخرين.

في عام 2018، أقامت الصين معرض الصين الدولي للاستيراد (CIIE)، وهو أول معرض استيراد على المستوى الوطني في العالم. تتخذ الصين خطوة أساسية من خلال جولة جديدة من الانفتاح رفيع المستوى لتوسيع الوصول إلى الأسواق لبقية العالم من خلال خفض التعريفات الجمركية على مجموعة واسعة من السلع المستوردة.

ومع ذلك، يمكن أن يكون التصدير إلى الصين عملية معقدة تتطلب تخطيطًا دقيقًا والاهتمام بالتفاصيل. يجب مراعاة عدة عوامل عند التصدير إلى الصين، مثل المتطلبات الجمركية والاختلافات الثقافية.

أحد التحديات الحاسمة عند التفكير في التصدير من لبنان إلى الصين هو التنقل في البيئة التنظيمية الدقيقة للبلاد.

التحدي الآخر هو فهم السوق الصينية وتفضيلات المستهلكين. تحتاج الشركات اللبنانية إلى التأكد من أن منتجاتها مصممة خصيصًا للسوق الصينية وتلبية احتياجات وتوقعات المستهلكين الصينيين.

نفذت الحكومة الصينية سياسات ومبادرات لتشجيع الاستثمار الأجنبي والتجارة، والتي يمكن أن توفر الدعم للمصدرين اللبنانيين. على سبيل المثال، CIIE هو حدث سنوي يعرض المنتجات والخدمات في جميع أنحاء العالم. يمكن أن تكون منصة قيمة للشركات اللبنانية لعرض منتجاتها والتواصل مع المشترين المحتملين.

في مبادرة لسد الفجوة المعرفية من قبل رجال الأعمال اللبنانيين، عقدت ورشة عمل حول «التجارة الإلكترونية عبر الحدود والمدفوعات عبر الهاتف المحمول في لبنان» في بيروت في أكتوبر 2022 من قبل كلية شاندونغ المهنية الدولية في الصين، بمشاركة من الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية في لبنان. وانضم إلى حلقة العمل أكثر من 25 مشاركا من لبنان، بمن فيهم ممثلون عن وزارتي الاقتصاد والتجارة والزراعة والصانعون والتجار.

يوجد في الصين أكثر من 1.4 مليار شخص، يمثلون سوقًا واسعة وسريعة النمو للسلع والخدمات. هناك طلب متزايد على المنتجات عالية الجودة في الصين، والتي يمكن أن تكون فرصة للمصدرين اللبنانيين الذين يقدمون منتجات متخصصة أو متميزة.

على سبيل المثال، يشتهر لبنان بصناعة النبيذ، ويهتم المستهلكون الصينيون بشكل متزايد بالنبيذ المستورد. وتشمل منتجات التصدير المحتملة الأخرى من لبنان زيت الزيتون والحرف اليدوية والمنسوجات. يمكن أن تكون هذه فرصة جذابة للمصدرين اللبنانيين لتوسيع قاعدة عملائهم وزيادة المبيعات.

تمتلك الصين أكبر سوق للتجارة الإلكترونية في العالم، حيث تهيمن منصات مثل علي بابا وJD.com على البيع بالتجزئة عبر الإنترنت. يمكن أن تكون هذه فرصة للمصدرين اللبنانيين للوصول إلى المستهلكين الصينيين مباشرة من خلال قنوات التجارة الإلكترونية دون الحاجة إلى وجود مادي في الصين.