الخوري لـ ” صوت بيروت انترناشونال” : النجاح في إعداد الموازنة يتطلب التزام جميع الأطراف المعنية بالمصلحة العامة

في لبنان وفقط في لبنان إجراء الاستحقاقات في موعدها يعتبر إنجازاً في الوقت الذي يجب أن يكون من الأمور البديهية في أي بلد يحترم القانون والدستور.

فبعدما تغنى المسؤولون بإقرار قانون موازنة 2024 ضمن المهل الدستورية بالرغم من كل الانتقادات التي تعرضت لها هذه الموازنة التي اعتبرها الخبراء الاقتصاديون موازنة بلا رؤية اقتصادية وهي ضرائبية بامتياز و لا تتضمن إصلاحات جذرية.

اليوم يفاخر وزير المال يوسف الخليل بأن الوزارة ملتزمة تقديم موازنة 2025 في موعدها فهل يكفي هذا الأمر كي تكون هذه الموازنة الموازنة المطلوبة لإنقاذ لبنان من قعر الانهيار وهل فعلاً ستبصر النور في وقتها المحدد؟ وأي اعتبارات يجب أن يأخذها المعنيون عند إعداد هذه الموازنة؟

في هذا الإطار يعتبر عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث لصوت بيروت إنترناشونال انه في سياق التحديات الاقتصادية والسياسية التي قد تواجه لبنان يمكن القول بأن إعلان وزير المالية عن التزامه تقديم موازنة 2025 في موعدها الدستوري يبعث برسالة إيجابية للمجتمع الدولي عن النية للالتزام بالإطار القانوني والشفافية المالية لكنه يشير انه مع ذلك تظل القدرة على تنفيذ هذا الإعلان مرهونة بعدة عوامل وهي :

١-الاستقرار السياسي: يجب أن يكون هناك استقطاب سياسي اقل لتمرير الموازنة في البرلمان دون تأخير.

٢-التوافق بين الأطراف السياسية: التوصل إلى توافق بين القوى النيابية المختلفة أمر ضروري لضمان عملية تمرير الموازنة.

٣-الوضع الاقتصادي العام: الوضع الاقتصادي، بما في ذلك معدلات التضخم، وضع العملة، ومستويات الدين، يجب أن يؤخذ في الاعتبار لضمان إعداد موازنة واقعية ومستدامة.

أما بالنسبة للاعتبارات التي يجب أن يأخذها المعنيون عند إعداد الموازنة فلفت الخوري إلى ان هنام عدة جوانب رئيسية أهمها:

-الشفافية والمساءلة: تأكيد الشفافية في توزيع الموارد ووضوح النفقات والإيرادات.

-التركيز على الاستدامة المالية: وضع خطط للحد من العجز ومعالجة التوقف عن دفع الدين بشكل فعّال.

-دعم النمو الاقتصادي: تخصيص موارد للقطاعات الحيوية التي تسهم في النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة مشيراً إلى ان موازنة ٢٠٢٤ أعطت إشارات معاكسة لهذا الاتجاه.

-التوزيع العادل: مراعاة التوزيع العادل للعبء الضريبي وللموارد بما يخدم جميع الفئات والمناطق.

وحول الهواجس التي يمكن أن تكون لديه كمتابع للشأن الاقتصادي فتحدث الخوري عن الأمور التالية :

-القدرة على التنفيذ: مدى القدرة على تنفيذ البنود الموجودة في الموازنة وفقاً لما خُطط له.

-ردود الفعل الاجتماعية: كيفية استجابة الشعب للموازنة، خاصة إذا تضمنت إجراءات تقشفية.

-التأثيرات الخارجية: تأثير العوامل الخارجية مثل الأزمات الاقتصادية الإقليمية والدولية على قدرة لبنان على تحقيق توقعات الموازنة.

ووفقاً للخوري تظل هذه العوامل جميعها محورية لتحديد ما إذا كانت موازنة 2025 ستخرج  إلى النور في الوقت المحدد وتحقق الأهداف المرجوة منها مشدداً على ضرورة أن تعمل الحكومة بجدية ومسؤولية لمواجهة هذه التحديات والتأكد من تنفيذ الموازنة بشكل فعال وشفاف مؤكداً أنه في نهاية المطاف النجاح في إعداد وتنفيذ الموازنة يعتمد على التزام جميع الأطراف المعنية بالمصلحة العامة لتحقيق استقرار ونمو اقتصادي مستدام.

للاطلاع على المقال كاملا:  اضغط هنا 

الخوري لمهارات نيوز : هذه أهمية الطابع الإلكتروني

صرّح الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا بيار الخوري لـ”مهارات نيوز” أنّ “الطوابع الالكترونية  تحسّن الكفاءة بحيث يسمح الطابع الإلكتروني بتسهيل الإجراءات الإدارية وتقليل الوقت اللازم لإتمام المعاملات الحكومية، حيث يمكن الحصول عليه واستخدامه بشكل فوري عبر المعاملات”.

وفي ظلّ انتشار ظاهرة السوق السوداء مع ما تحمله من أعباء مالية على المواطن اللبناني خلال عملية شراء الطوابع،  يساعد الطابع الإلكتروني في تقليل فرص الغش والتلاعب بالطوابع الورقية. فمن خلال تتبع المعاملات الإلكترونية بدقة، بما يستحيل على الأفراد بيع الطوابع بأسعار غير واقعية في السوق السوداء، مما يعدم هذه الظاهرة، بحسب ما أشار إليه الخوري.

للاطلاع على المقال كاملا : اضغط هنا 

الثقافة التي تأكل الأزمة مع وجبة الفطور

Pierre Al Khoury on Annahar

د. بيار الخوري
عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا
في ميدان فلسفة الإدارة، هناك قول شهير: “الثقافة تأكل الاستراتيجية مع وجبة الفطور”. هذا المثل يؤكد أهمية فهم ودمج الثقافات المحلية في أي مسعى للتغيير الاستراتيجي. لا مكان أفضل من لبنان لتجسيد ذلك، بلد يشتهر بتنوعه الثقافي الغني وبشغفه بثقافة الاستهلاك والتباهي. حتى وسط العاصفة المتواصلة من الأزمات التي ضربت البلاد منذ عام 2019، هذه السمة الثقافية بقيت قوية بشكل ملحوظ، ما أكسبها لقب: “الثقافة التي تأكل الأزمة مع وجبة الفطور”.
ضاعت الودائع المصرفية، وصل الانخفاض في الدخل إلى 60% مقارنة بدخول ما قبل الأزمة، لكن الميل للاستهلاك بقي محافظاً على وتيرته.
واحدة من السمات المميزة للثقافة اللبنانية هي التركيز على الاستهلاك الواضح والعرض الزائف، في الغالب، للثروة. من الأعراس الفخمة إلى ولائم الطعام الباذخة، لقد أتقن اللبنانيون فن العيش في اللحظة واستعراض ثرواتهم المتخيلة. هذه العقلية المركزة على الاستهلاك متأصلة بعمق في النسيج الاجتماعي، متغلغلة في كل جانب من جوانب الحياة، من التفاعلات الاجتماعية إلى المعاملات التجارية.
في لبنان، لا يُعتبر السعي وراء الترف والرموز الاجتماعية مجرد تلذذ سطحي ولكن واجب ثقافي متشعب يرتبط بشكل عميق بمفاهيم الهيبة والمكانة الاجتماعية. سواء كان الأمر متعلقاً بقيادة أحدث سيارة فاخرة (ولو مستأجرة ليوم واحد) أو تناول الطعام في أحدث المطاعم، يفخر اللبنانيون بالعرض المبالغ فيه في استعراض ثروتهم، وغالبًا ما يلجؤون إلى العديد من الطرق للحفاظ على المظاهر حتى في وجه الصعاب.
أزمة لبنان التي اجتاحت البلاد منذ عام 2019، متمثلة في الصراع السياسي المشل والانهيار الاقتصادي. الجائحة والانفجار المدمر في #مرفأ بيروت، جلبا معهما معاناة لا تحصى: ارتفاع الأسعار بصورة فاحشة، البطالة الواسعة النطاق، نقص في السلع الأساسية والأدوية، ما دفع كثيرين إلى الهجرة والملايين إلى اليأس.
على الرغم من هذه الظروف المؤلمة، فإن ثقافة الاستهلاك والتباهي في لبنان أظهرت مرونة ملحوظة، وتحدت الظروف وثابرت في وجه الصعوبات. بدلاً من الانسحاب إلى التقشف والاقتصاد، قام الكثيرون من اللبنانيين بزيادة مرات على أنماط حياتهم الباذخة، ويعتبرون الاستهلاك الواضح شكلاً من أشكال المقاومة ضد اليأس المتقدم.
تفسير الاستهلاك الواضح كشكل من أشكال المقاومة ضد اليأس يتطلب فهمًا عميقًا للديناميات الاجتماعية والنفسية التي تشكل الثقافة اللبنانية. يُظهر الاستهلاك الواضح، بمفهومه الأساسي، تحول العزف عن التقشف المفروض في ظل الأزمة إلى مظاهر ثقافية تعبيرية وحتى عملية. هناك عدة أسباب وراء هذه الظاهرة، تتعلق بالديناميات الاجتماعية والاقتصادية، وتأثيرها على الهوية الشخصية والجماعية للفرد اللبناني.
تسلط دراسات مختلفة الضوء على دور الاستهلاك الواضح في المجتمعات المتأثرة بالأزمات، وتشير إلى أن هذا النوع من الاستهلاك ليس مجرد تهور فاقد للتفكير، ولكن ينبغي فهمه كميزة ثقافية تعبّر عن مقاومة لليأس والضغوط النفسية. فاللجوء إلى الاستهلاك الواضح يمكن أن يكون رد فعل طبيعيًا للفرد في وجه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة، حيث يشعر الفرد بالحاجة إلى تعزيز هويته ومكانته الاجتماعية المتدهورة.
من الناحية النفسية، يمكن أن يكون الاستهلاك الواضح وسيلة للتعامل مع مشاعر الضياع والعجز التي يمكن أن تنجم عن الأزمات الاقتصادية والسياسية. إذ يمكن للفرد أن يجد في استهلاك البضائع الفاخرة والتجارب الباذخة طريقة لتحقيق شعور بالسيطرة والقدرة على التحكم في الوضع، حتى وسط الظروف الصعبة.
علاوة على ذلك، يعكس الاستهلاك الواضح أيضًا التمسك بالهوية والقيم الثقافية، حيث يعتبر الفرد أنه من الضروري الحفاظ على مظهر الثراء والنجاح حتى في وجه الصعوبات. يتجسد هذا النوع من الاستهلاك كشكل من أشكال المقاومة ضد اليأس، إذ يُظهر الفرد استمراره في تأكيد هويته ومكانته الاجتماعية رغم التحديات المحيطة به.
باستنادنا إلى هذه الدراسات والتحاليل، نرى أن الاستهلاك الواضح في لبنان، على الرغم من الظروف القاسية التي تمر بها البلاد، ليس مجرد تجاوب عفوي مع الأزمة، بل يعكس أيضًا محاولة للحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية والنفسية في وجه اليأس المتقدم.
في مجتمع حيث تعني المظاهر كثيرًا، يصبح الحفاظ على مظهر الثراء شكلًا من أشكال الدفاع النفسي.