كان للقطاع المصرفي تاريخياً دور بارز في الاقتصاد اللبناني، بحيث مثّل عاملاً محورياً في توفير السيولة والتمويل للأفراد والشركات، إضافة إلى جذب الودائع من الخارج خاصة من اللبنانيين المغتربين، الأمر الذي ساهم في استقرار العملة الوطنية لفترات طويلة، بحسب ما أفاد به عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفسور بيار الخوري.
الخوري أشار في حديث لـ”لبنان24″ إلى أنه بعد الحرب كان القطاع المصرفي أيضاً حجر الزاوية في تمويل الدولة اللبنانية من خلال شراء السندات الحكومية، أما انعكاس الأزمة المالية عليه فكان ضخماً وغير مسبوق حتى بمقارنات عالمية تاريخية، وهذا الأمر ليس خفياً على أحد.
من هنا، أكد أن الأزمة التي انفجرت في عام 2019 نتيجة عقود من السياسات المالية والنقدية غير المستدامة، أدت إلى انهيار الثقة بالنظام المصرفي، وما تبعه من تقييدات مشددة على السحب من الودائع وقضم قيمتها بالتعاميم المصرفية، وتدهور العملة المحلية، مشدداً على أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى انخفاض حاد في القدرة الشرائية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
واعتبر الخوري أن تحديات عديدة ومعقدة تقف أمام إعادة هيكلة المصارف، تشمل ضرورة إعادة تقييم الأصول والخصوم بشفافية، التعامل مع الديون المتعثرة، تحديد مستوى رأس المال الضروري لاستئناف العمليات بشكل آمن، وإعادة بناء الثقة بين العملاء والمصارف.
كما أكد أنه يجب على “الحكومة والمصرف المركزي لعب دور حاسم في توفير إطار تشريعي ورقابي شفاف يدعم عملية الإصلاح الشامل والخروج من الحلول التي تخدم اصحاب النفوذ المتحالفين مع النخبة السياسية الفاسدة ” .
وشدد الخوري على أن فتح السوق أمام منافسة جديدة قد يكون ضرورياً، بعد السقوط الاخلاقي المدوّي للمؤسسات المالية، كجزء من خطة إعادة الهيكلة والإصلاح، وبهدف تحفيز الابتكار وتحسين الخدمات المصرفية، لكن هذا يتطلب بيئة تنظيمية مستقرة وشفافة تشجع على الاستثمار وتوفير رأس المال الكافي للمنافسين الجدد.
أما لجذب الودائع، فستحتاج المصارف الجديدة، بحسب الخوري، إلى بناء سمعة قوية، او دخول مؤسسات مصرفية دولية ذات سمعة تعكس الحاجة الى الاستقرار والثقة وتقديم معدلات فائدة تنافسية، إضافة إلى خدمات مبتكرة تلبي احتياجات العملاء الحالية والمستقبلية، لافتاً إلى أن الشفافية وجودة الخدمة ستكون عوامل حاسمة في هذه المرحلة.
وعن المنافسة في القطاع المصرفي، رأى الخوري أنها يمكن أن تلعب دوراً مهما في إنعاش النشاط الاقتصادي من خلال آليات عدة.
أولاً، المنافسة تحفز البنوك على تحسين كفاءتها وخدمة العملاء، وهذا يمكن أن يؤدي إلى خفض التكاليف وتوفير منتجات وخدمات مالية أكثر تنوعاً وإبداعاً.
ثانياً، البيئة التنافسية تعزز الابتكار في القطاع المالي، مما يمكن أن يؤدي إلى تطوير حلول تمويلية جديدة تلبي احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة والأفراد، والتي بدورها تساهم في النمو الاقتصادي.
ثالثاً، المنافسة قد تؤدي إلى تحسين شروط الائتمان للمقترضين، مما يسهل عليهم الاستثمار والتوسع.
ومع ذلك، لكي تلعب المنافسة دورها بشكل فعال في تنشيط الاقتصاد، يجب أن تكون مدعومة بإطار حوكمة ورقابة قوي، يضمن الاستقرار المالي ويحمي حقوق المودعين والمستثمرين، وفق الخوري، الذي اعتبر أنه يجب على الحكومة والمصرف المركزي الشروع من دون ابطاء لاتخاذ خطوات جادة نحو تحقيق الإصلاحات الهيكلية والمالية المطلوبة لإعادة بناء الثقة في النظام المصرفي وتعزيز النمو الاقتصادي.
وختم بالقول إن الخروج من الخدمات التقليدية التي عاشت عليها المصارف اللبنانية بعد الحرب كممولة للدين العام ومسيطرة على سوق خدمات التحويل هو امر اساسي في اي استراتيجية مستقبلية. إذ خرجت خدمات التحويل من أيدي المصارف عبر العالم واتسعت حصة التكنولوجيا المالية في توفير خدمات اسرع وارخص، في الوقت الذي تعاني فيه المؤسسات المصرفية عالمياً من اتساع مخاطر اقراض الحكومات، وهو بالضبط ما ادى الى انهيار القطاع منذ خمس سنوات.
تتطلب إذاً مواجهة التحديات الراهنة واستغلال الفرص المتاحة في القطاع المصرفي جهداً متضافراً من جميع الأطراف المعنية، لضمان أن يعود القطاع المصرفي إلى دوره كعصب رئيسي للاقتصاد اللبناني ولكن باستراتيجيات عمل حديثة تبتعد عن المال السهل وتعترف ان العمل المصرفي قد اصبح شديد التنافسية، وتحكمه قواعد المخاطرة والمنافسة التي لا ترحم .
للاطلاع على المقال كاملاً: اضغط هنا
يشير الخبير الاقتصادي، بيار الخوري، عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، إلى أن أهم أسباب تسجيل الميزانية السعودية عجزاً للربع السادس على التوالي يتمثل في التقلبات بأسعار النفط العالمية التي تؤثر بشكل مباشر على إيرادات المملكة، نظراً لاعتمادها الكبير على النفط كمصدر رئيسي للدخل، إضافة إلى الزيادة في الإنفاق الحكومي على المشاريع الكبرى والإصلاحات الاقتصادية ضمن رؤية 2030.
غير أن الخوري يرى أن استمرار تسجيل العجز “قد يكون عارضاً وقصير الأجل، ولكن قد يشير أيضاً إلى تحديات قد تواجه الاقتصاد السعودي في تحقيق التوازن المالي، ويدعو لضرورة تنويع مصادر الدخل وزيادة الكفاءة في الإنفاق الحكومي”.
ولتجاوز هذا التحدي، يلفت الخوري إلى إمكانية اتباع السعودية عدة استراتيجيات، منها تنويع مصادر الدخل، عبر تعزيز الاستثمار في قطاعات غير نفطية، مثل السياحة والتقنية والصناعات التحويلية، وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، عبر تقليل النفقات غير الضرورية وتحسين إدارة الموارد، إضافة إلى إجراء إصلاحات ضريبية لزيادة الإيرادات من خلال توسيع القاعدة الضريبية وربما تعديل بعض السياسات الضريبية.
ويضيف أن تعظيم الاستثمار في البنية التحتية الذكية أحد أهم الاستراتيجيات لتحفيز النمو الاقتصادي في السعودية وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي ضمن رؤية 2030، إضافة إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية الدولية لجذب المزيد من التقنيات الجديدة. ويرى أن مثل هذه الإجراءات تمكن المملكة العربية السعودية من تحسين وضعها المالي وتقليل اعتمادها على النفط، ما يعزز استقرارها الاقتصادي طويل الأمد.
للاطلاع على المقال كاملاً: اضغط هنا