الخوري لـ”لبنان 24″ : النزوح الجماعي الناتج عن الحرب يضيف عبئًا كبيرًا على الاقتصاد اللبناني

كيف أثّرت وتؤثر حرب اليوم على المدى الإقتصادي؟

لا يختلف اثنان على أن الحرب المستعرة حالياً ليس فقط على الخطوط الجنوبية، إنما في البقاع وفي بيروت أيضاً، أصابت اقتصاد لبنان في صميمه. فشركات الطيران أوقفت رحلاتها نحو مطار بيروت، فضربت معها الموسم السياحي والخدماتي الذي يزدهر صيفاً، وتستمر خطورة هذه الحرب مع حركة النزوح غير المسبوقة من الجنوب وبيروت وكافة المناطق التي طالها العدوان الإسرائيلي.

أما التقديرات الدقيقة للخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الحالية، فلا يمكن تحديدها بعد بسبب استمرار النزاع، لكن التقارير الأولية تشير إلى خسائر في البنية التحتية وتراجع الأنشطة الاقتصادية في المناطق المتضررة، لا سيما في الجنوب، بحسب البروفسور بيار الخوري.
وفي حديث لـ”لبنان 24″، أوضح الخوري أن الخسائر قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وقد تم تقدير خسائر البنية التحتية في حرب تموز من العام  2006 بـ 3.6 مليار دولار، لذا من المرجح ان تكون الأرقام أعلى في النزاع الحالي اعتمادًا على حجم الدمار واستمراريته.
وعن التأثيرات المباشرة للحرب على الاقتصاد اللبناني، قال الخوري إن أبرزها ينعكس على البنية التحتية، حيث تدمير الطرق، الجسور، وشبكات الكهرباء والمياه.
وهذه الآثار أيضاً تشهده الزراعة والصناعة، إذ توقف الإنتاج الزراعي في الجنوب، وتعطل عمل بعض المصانع والشركات نتيجة الأضرار المباشرة ونقص الإمدادات.
كما أشار الخوري إلى أنه في ميدان التجارة، فالحديث يدور عن تراجع كبير في التجارة المحلية والدولية، مع زيادة تكاليف الاستيراد بسبب الدمار في المرافئ.
أما من حيث التأثيرات غير المباشرة، فعدد الخوري أوّلها نزوح الآلاف من العائلات نحو المناطق الأكثر أمانًا، مما يزيد الضغط على الخدمات العامة ويزيد من الفقر.
كما أشار إلى انخفاض حاد في حركة السياحة بسبب عدم الاستقرار الأمني، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على التحويلات المالية من الخارج لدعم الأسر المتضررة.
ومن هنا، تحدّث عن انخفاض الثقة بالاقتصاد، أي تراجع الثقة بالأسواق المالية والمصارف، مما يفاقم أزمة الثقة التي يعاني منها لبنان منذ بداية الأزمة المالية.
وفي السياق، قارن الخوري بين تأثير الحروب السابقة والحالية على الاقتصاد اللبناني، قائلاً إن الحروب السابقة، مثل حرب 2006، أدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية وتأثيرات اقتصادية مماثلة، لكن السياق الاقتصادي الحالي مختلف بشكل جذري. ففي عام 2006، كان الاقتصاد اللبناني لا يزال في وضع أفضل نسبيًا وكان يمكنه التعافي جزئيًا بفضل المساعدات الدولية. أما الآن، فيعاني لبنان بالفعل من أزمة مالية حادة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويجعل الأضرار الاقتصادية أكثر تأثيرًا واستدامة.
وأشار على سبيل المثال، إلى أنه خلال حرب 2006، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% تقريبًا، في حين أن الاقتصاد الحالي يشهد بالفعل انكماشًا حادًا يتجاوز 25%.
كما اعتبر الخوري أن إعادة الإعمار بعد الحرب الحالية ستكون مكلفة للغاية، خاصة مع انهيار البنية التحتية والمؤسسات العامة. فتكاليف إعادة الإعمار في حرب 2006 بلغت حوالي 7.6 مليار دولار، ومن المرجح أن تكون أعلى الآن نظرًا للضرر المتزايد وانهيار العملة.
ولفت إلى جانب ذلك، إلى أن قدرة لبنان على استدامة عملية إعادة الإعمار ضعيفة للغاية بدون دعم خارجي كبير. ستؤثر هذه التكاليف على المديونية العامة، التي تتجاوز 150% من الناتج المحلي الإجمالي بالفعل، مما يجعل الاقتصاد غير مستدام في غياب إصلاحات هيكلية.
وشدد الخوري على وجوب إنشاء سياسات اقتصادية للتعافي، كالإصلاح المالي حيث يجب على لبنان تنفيذ إصلاحات مالية صارمة لخفض العجز في الميزانية وإعادة هيكلة الدين العام.
ومن هذه السياسات أيضاً، إصلاح القطاع المصرفي بهدف إعادة الثقة في النظام المالي أساسية لبدء عملية التعافي، فضلاً أن أهمية تحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة والزراعة والصناعات المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وعن دور المجتمع الدولي في هذا المجال، رأى الخوري أن لبنان بحاجة إلى دعم دولي من خلال مساعدات مالية مباشرة وبرامج تنموية، مثلما حدث بعد حرب 2006، حيث لعب المجتمع الدولي دورًا حاسمًا في إعادة الإعمار، لكن هذه المرة ستكون الشروط أصعب، خاصة مع تدهور الأوضاع المالية والفساد.
 كما تطرّق إلى تعميم مصرف لبنان الأخير الذي سمح للمستفيدين من تعاميم السحب الشهري الاستفادة من 3  اضعاف القيمة الشهرية لمرة واحدة وقد يتم تمديدها)، ولكنه أشار إلى أن التحدي يكمن في كيفية استدامة هذه الآلية.
وهنا قال الخوري: “هناك احتمال لزيادة التضخم بسبب زيادة القدرة والحاجة للانفاق في ظل تراجع الانتاج والطلب الاحتياطي على السكن والسلع، مما قد يؤدي في النهاية إلى تدهور محتمل في سعر صرف الليرة خاصة اذا اضطر مصرف لبنان لدعم عمليات الاغاثة”.
وشدد على أن النزوح الجماعي الناتج عن الحرب يضيف عبئًا كبيرًا على الاقتصاد اللبناني. فبحسب التقديرات، يكلف النزوح اللبناني الناتج عن الأزمات السابقة ما بين 10 إلى 15 مليار دولار، تشمل تكاليف الإسكان، الغذاء، الخدمات الصحية، والتعليم، والآن يتزايد الضغط بشكل كبير على الخدمات العامة والبنى التحتية في مناطق النزوح، ما يزيد من معدل الفقر، يفاقم البطالة، ويزيد الطلب على الخدمات التي تعاني أصلاً من ضغوط.
صحيح أن الأرقام لا تزال غير واضحة المعالم، إلا أن هذا الأمر لا يلغي الاتجاه العام للأزمة التي يمر بها لبنان، والتي تتطلب تدخلًا كبيرًا على مستوى السياسات الاقتصادية والدعم الدولي للخروج من هذه الحلقة الصعبة. فهذه الحرب الآخذة في الضراوة، وضعت اللبنانيين جميعاً تحت خطّ النار، إن ليس ميدانياً، فاجتماعياً واقتصادياً ونفسياً، والأمور ستأخذ وقتاً طويلاً ريثما تستتبّ.
للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري لـ”لبنان 24″ : هذه الحرب الآخذة في الضراوة، وضعت اللبنانيين جميعاً تحت خطّ النار

18 عاماً مرّت على حرب 2006. حينها، أدّت الحرب إلى خسائر اقتصادية قدّرت بحوالي 7 مليارات دولار، وشلّت البلاد على الرغم من أن المؤسسات كانت أكثر انتظاماً ممّا هي عليه اليوم، ومصرف لبنان كان في أوج “عمله”، والأهمّ، كان هناك رئيس للجمهورية. أمّا في حرب اليوم التي تعدّ الأقوى في التاريخ المحليّ الحديث، يجد لبنان نفسه مكشوفاً ليس فقط اقتصادياً، بل مؤسساتياً وسياسياً، وهو الذي لم يتسنّ له بعد أن يتعافى ولو قليلاً من النكبة الإقتصادية التي ألمّت به منذ 2019. فكيف أثّرت وتؤثر حرب اليوم على المدى الإقتصادي؟

لا يختلف اثنان على أن الحرب المستمرة حالياً ليس فقط على الخطوط الجنوبية، إنما في البقاع وفي بيروت أيضاً، أصابت اقتصاد لبنان في صميمه. فشركات الطيران أوقفت رحلاتها نحو مطار بيروت، فضربت معها الموسم السياحي والخدماتي الذي يزدهر صيفاً، وتستمر خطورة هذه الحرب مع حركة النزوح غير المسبوقة من الجنوب وبيروت وكافة المناطق التي طالها العدوان الإسرائيلي.

أما التقديرات الدقيقة للخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الحالية، فلا يمكن تحديدها بعد بسبب استمرار النزاع، لكن التقارير الأولية تشير إلى خسائر في البنية التحتية وتراجع الأنشطة الاقتصادية في المناطق المتضررة، لا سيما في الجنوب، بحسب البروفسور بيار الخوري.
وفي حديث لـ”لبنان 24″، أوضح الخوري أن الخسائر قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وقد تم تقدير خسائر البنية التحتية في حرب تموز من العام  2006 بـ 3.6 مليار دولار، لذا من المرجح ان تكون الأرقام أعلى في النزاع الحالي اعتمادًا على حجم الدمار واستمراريته.
وعن التأثيرات المباشرة للحرب على الاقتصاد اللبناني، قال الخوري إن أبرزها ينعكس على البنية التحتية، حيث تدمير الطرق، الجسور، وشبكات الكهرباء والمياه.
وهذه الآثار أيضاً تشهده الزراعة والصناعة، إذ توقف الإنتاج الزراعي في الجنوب، وتعطل عمل بعض المصانع والشركات نتيجة الأضرار المباشرة ونقص الإمدادات.
كما أشار الخوري إلى أنه في ميدان التجارة، فالحديث يدور عن تراجع كبير في التجارة المحلية والدولية، مع زيادة تكاليف الاستيراد بسبب الدمار في المرافئ.
أما من حيث التأثيرات غير المباشرة، فعدد الخوري أوّلها نزوح الآلاف من العائلات نحو المناطق الأكثر أمانًا، مما يزيد الضغط على الخدمات العامة ويزيد من الفقر.
كما أشار إلى انخفاض حاد في حركة السياحة بسبب عدم الاستقرار الأمني، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على التحويلات المالية من الخارج لدعم الأسر المتضررة.
ومن هنا، تحدّث عن انخفاض الثقة بالاقتصاد، أي تراجع الثقة بالأسواق المالية والمصارف، مما يفاقم أزمة الثقة التي يعاني منها لبنان منذ بداية الأزمة المالية.
وفي السياق، قارن الخوري بين تأثير الحروب السابقة والحالية على الاقتصاد اللبناني، قائلاً إن الحروب السابقة، مثل حرب 2006، أدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية وتأثيرات اقتصادية مماثلة، لكن السياق الاقتصادي الحالي مختلف بشكل جذري. ففي عام 2006، كان الاقتصاد اللبناني لا يزال في وضع أفضل نسبيًا وكان يمكنه التعافي جزئيًا بفضل المساعدات الدولية.
أما الآن، فيعاني لبنان بالفعل من أزمة مالية حادة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويجعل الأضرار الاقتصادية أكثر تأثيرًا واستدامة.
وأشار على سبيل المثال، إلى أنه خلال حرب 2006، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% تقريبًا، في حين أن الاقتصاد الحالي يشهد بالفعل انكماشًا حادًا يتجاوز 25%.
كما اعتبر الخوري أن إعادة الإعمار بعد الحرب الحالية ستكون مكلفة للغاية، خاصة مع انهيار البنية التحتية والمؤسسات العامة. فتكاليف إعادة الإعمار في حرب 2006 بلغت حوالي 7.6 مليار دولار، ومن المرجح أن تكون أعلى الآن نظرًا للضرر المتزايد وانهيار العملة.
ولفت إلى جانب ذلك، إلى أن قدرة لبنان على استدامة عملية إعادة الإعمار ضعيفة للغاية بدون دعم خارجي كبير. ستؤثر هذه التكاليف على المديونية العامة، التي تتجاوز 150% من الناتج المحلي الإجمالي بالفعل، مما يجعل الاقتصاد غير مستدام في غياب إصلاحات هيكلية.
وشدد الخوري على وجوب إنشاء سياسات اقتصادية للتعافي، كالإصلاح المالي حيث يجب على لبنان تنفيذ إصلاحات مالية صارمة لخفض العجز في الميزانية وإعادة هيكلة الدين العام.
ومن هذه السياسات أيضاً، إصلاح القطاع المصرفي بهدف إعادة الثقة في النظام المالي أساسية لبدء عملية التعافي، فضلاً أن أهمية تحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة والزراعة والصناعات المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وعن دور المجتمع الدولي في هذا المجال، رأى الخوري أن لبنان بحاجة إلى دعم دولي من خلال مساعدات مالية مباشرة وبرامج تنموية، مثلما حدث بعد حرب 2006، حيث لعب المجتمع الدولي دورًا حاسمًا في إعادة الإعمار، لكن هذه المرة ستكون الشروط أصعب، خاصة مع تدهور الأوضاع المالية والفساد.
 كما تطرّق إلى تعميم مصرف لبنان الأخير الذي سمح للمستفيدين من تعاميم السحب الشهري الاستفادة من 3  اضعاف القيمة الشهرية لمرة واحدة وقد يتم تمديدها)، ولكنه أشار إلى أن التحدي يكمن في كيفية استدامة هذه الآلية.
وهنا قال الخوري: “هناك احتمال لزيادة التضخم بسبب زيادة القدرة والحاجة للانفاق في ظل تراجع الانتاج والطلب الاحتياطي على السكن والسلع، مما قد يؤدي في النهاية إلى تدهور محتمل في سعر صرف الليرة خاصة اذا اضطر مصرف لبنان لدعم عمليات الاغاثة”.
وشدد على أن النزوح الجماعي الناتج عن الحرب يضيف عبئًا كبيرًا على الاقتصاد اللبناني. فبحسب التقديرات، يكلف النزوح اللبناني الناتج عن الأزمات السابقة ما بين 10 إلى 15 مليار دولار، تشمل تكاليف الإسكان، الغذاء، الخدمات الصحية، والتعليم، والآن يتزايد الضغط بشكل كبير على الخدمات العامة والبنى التحتية في مناطق النزوح، ما يزيد من معدل الفقر، يفاقم البطالة، ويزيد الطلب على الخدمات التي تعاني أصلاً من ضغوط.
صحيح أن الأرقام لا تزال غير واضحة المعالم، إلا أن هذا الأمر لا يلغي الاتجاه العام للأزمة التي يمر بها لبنان، والتي تتطلب تدخلًا كبيرًا على مستوى السياسات الاقتصادية والدعم الدولي للخروج من هذه الحلقة الصعبة. فهذه الحرب الآخذة في الضراوة، وضعت اللبنانيين جميعاً تحت خطّ النار، إن ليس ميدانياً، فاجتماعياً واقتصادياً ونفسياً، والأمور ستأخذ وقتاً طويلاً ريثما تستتبّ.
للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري لـ”النشرة” : تعيين حاكم جديد قد يعيد تشكيل العلاقة بين المصرف المركزي والمصارف التجارية

أوضح الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري في حديث لـ”النشرة” إلى أنه بعد مرور سنة على مغادرة رياض سلامة منصب الحاكم وتولي نائبه وسيم منصوري الحاكمية بشكل مؤقت، تبرز عدة سيناريوهات محتملة لإعادة الهيكلة القيادية في مصرف لبنان. منصوري قام بتوسيع التعاون مع المؤسسات الدولية وحافظ بشكل جزئي على سياسات العمل المصرفي التقليدي، ولكن مع استمرار غياب حاكم أصيل، قد يشهد القطاع المصرفي أيضًا تغيرات في القيادة العليا.

هيكلة مصرف لبنان والقطاع المصرفي

يوضح الخوري في حديثه لـ”النشرة” أنّ هناك سيناريوهَين اثنين لا ثالث لهما:

السيناريو الأول هو تعيين حاكم جديد يحظى بدعم القوى السياسية المحلية والدولية، وقد يكون هذا الحاكم شخصية تتمتع بخبرة دولية تعزز من الشفافية والتعاون مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي. هذا السيناريو قد يؤدي إلى إعادة توزيع الأدوار على مستوى المجلس المركزي في المصرف المركزي، وربما استحداث مناصب جديدة لتعزيز الحوكمة الداخلية.

السيناريو الثاني هو أن تستمر القيادة المؤقتة بمهامها لفترة أطول، ما يعني أن منصوري سيواصل العمل بسياسات المصرف التقليدية مع بعض التعديلات التي تتماشى مع مطالب المجتمع الدولي. في هذا السيناريو، قد يتم تعزيز دوره داخل القطاع المصرفي وتوسيع صلاحياته بشكل أكبر، ما يسمح له باتخاذ قرارات أكثر استقلالية بعيداً عن السياسات التقليدية التي كان يتبعها سلامة.

ولكن، التعيين الرسمي لحاكم جديد قد يعيد تشكيل العلاقة بين المصرف المركزي والمصارف التجارية، ويؤدي إلى تغييرات في توزيع المسؤوليات داخل المصرف لتتماشى مع المرحلة القادمة التي تتطلب استقرارًا ماليًا أعمق وإصلاحات هيكلية.

السياسات النقدية وتوقيف سلامة

توقيف رياض سلامة، الذي كان ممالئًا بشكل كبير للمصارف التجارية وساهم عبر الهندسات المالية ومنصة “صيرفة” في تحقيق أرباح غير مسبوقة لتلك المصارف، قد يحدث برأي الدكتور الخوري، تحولات جذرية في توازن القوى بين المصرف المركزي والمصارف التجارية. سلامة، عبر سياساته، كان يشكل درعًا حاميًا للمصارف، ما أدى إلى تدفق الأرباح إليها دون محاسبة جدية على بعض المخاطر المالية المترتبة على هذه السياسات.

مع توقيف سلامة، سيتغير المشهد المالي، حيث إن القيادة المؤقتة برئاسة وسيم منصوري قد لا تكون على القدر نفسه من الاستعداد لتقديم التسهيلات أو اتباع النهج نفسه في ممالأة المصارف. منصوري، الذي وسّع التعاون مع المؤسسات الدولية، قد يجد نفسه مضطرًا إلى اتخاذ سياسات نقدية أكثر توازنًا وربما أكثر صرامة تجاه المصارف التجارية، خصوصًا في ما يتعلق بمراقبة أصولها وإدارتها النقدية.

هذا يعني أن المصارف التجارية قد تفقد النفوذ الذي كانت تتمتع به حتى اليوم، ما قد يؤدي إلى تقليص أرباحها أو على الأقل تقييد الطرق غير المستدامة التي كانت تستخدمها لتعزيز تلك الأرباح. علاوة على ذلك، منصوري قد يواجه ضغوطًا من الجهات الدولية لتطبيق إصلاحات مالية حقيقية، ما يزيد من احتمال أن المصارف لن تكون قادرة على تحقيق نفس المكاسب التي كانت تتمتع بها في عهد سلامة.

في الوقت ذاته، توقيف سلامة قد يدفع المصارف لمحاولة التأثير أو الضغط لاستمرار بعض الامتيازات التي حصلت عليها في السنوات الماضية. ومع ذلك، فإن تقوية التعاون مع المؤسسات الدولية قد يحد من هذه المحاولات، حيث ستكون القيادة الجديدة مضطرة لمراعاة الشروط الدولية للإصلاح المالي والاقتصادي.

تداعيات محتملة على استقلالية مصرف لبنان

أما التحدي الأكبر فيكمن حسب الخوري، في توازن القوى بين المصرف المركزي والسياسات الحكومية والمصرفية. في حال تعيين قيادة جديدة تتمتع بالاستقلالية والمصداقية، فقد تتعزّز سياسات الإصلاح ويقلّ الاعتماد على المصارف التجارية في صياغة السياسات النقدية. هذا قد يؤدي إلى إعادة ترتيب الأولويات باتجاه استقرار اقتصادي شامل بدلًا من التركيز على تحقيق أرباح قصيرة الأجل للمصارف.

من ناحية أخرى، هناك مخاوف من أن تعيين قيادة جديدة مقربة من الأحزاب السياسية قد يؤدي إلى تراجع استقلالية المصرف المركزي وتكرار نموذج سلامة من حيث تقديم الامتيازات للمصارف على حساب الاستقرار المالي. بالتالي، فإن مدى تأثير التغيير في القيادة على استقلالية مصرف لبنان يعتمد بشكل كبير على هوية القيادة الجديدة ومدى التزامها بإصلاح النظام المالي وتعزيز دور المصرف المركزي كجهة مستقلة.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا