الخوري لـ “الجريدة” : وفرة الدولارات ليست كافية لاقتصاد سليم

هل “الدولار الاغترابي” وحده الذي ساهم بوفرة الدولارات في السوق؟ وهل يمكن اعتبار هذه الوفرة أمراً إيجابياً؟ وإلى أي مدى قد تدوم؟

في استنتاج اقتصادي بديهي يربط الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري وفرة الدولارات بأمور عدة، وليس فقط بدولارات المغتربين، ومنها:

أولاً، تحويلات المغتربين حيث يعتمد لبنان بشكل كبير على التحويلات المالية من اللبنانيين العاملين في الخارج، والتي تشكل جزءًا كبيراً من تدفقات العملات الأجنبية إلى البلاد.

ثانياً، الأموال السياسية والجريمة المنظمة، خصوصاً وأن دخول أموال غير مشروعة أو غير مراقبة يمكن أن يزيد من كمية الدولارات في السوق، في ظل غياب قدرة المؤسسات الدولية على تتبع مصادر الأموال نتيجة انهيار القطاع المصرفي.

ثالثاً، التهرب الجمركي، فعمليات التهريب والتهرب الجمركي يمكن أن تلعب دورًا في زيادة تدفقات الدولارات من وإلى السوق المحلي بشكل غير رسمي.

رابعاً المساعدات الدولية إذ أن تلقي مساعدات مالية من الدول المانحة والمؤسسات الدولية يساهم في زيادة الاحتياطات من العملات الأجنبية.

خامساً السياحة حيث أن استئناف نشاط السياحة يجلب عملة صعبة من المغتربين اللبنانيين بشكل اساسي يليهم السائح العراقي.

وعن مدى أهمية وتأثير وفرة الدولارات في السوق يقول الخوري: “وفرة الدولارات في السوق أدت إلى استقرار سعر الصرف وزيادة العملة الصعبة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى استقرار أو تحسن قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار”، كما يمكن بشكل جانبي أن تحسن الثقة، فتوفر العملات الأجنبية من شأنه تعزيز الثقة في النظام المالي والمصرفي اللبناني، وأيضاً التشجيع على المزيد من الاستثمار، لكن البيئة الاستثمارية الحالية في لبنان غير جاذبة بسبب غياب السياسات المالية والنقدية والإصلاحات اللازمة”.

وعلى الرغم من ملاحظة وفرة في الدولارات في السوق اللبناني، إلا أننا لم نلحظ أي تأثير إيجابي حقيقي على الاقتصاد.

ويوضح خوري أنه “على الرغم من وفرة الدولارات، فإن العجز في الميزان التجاري لا يزال كبيرًا، حيث بلغ 17 مليار دولار، وهو نفس الرقم تقريبًا قبل الأزمة، وهذا يدل على أن الفائض في العملة الأجنبية لا يُستخدم بشكل فعال لتحسين الميزان التجاري”.

ويضيف: “لم يتحسن الوضع في الخدمات العامة، بل على العكس، تستمر البنية التحتية في التدهور نتيجة للأزمة المالية وعدم الالتفات إلى تمويل الصيانة والتطوير.

أما بالنسبة للنظام المصرفي فيرى أن المصارف اللبنانية متوقفة عن الدفع منذ الأزمة الناشئة بعد 2019، وبالتالي، فإن الدولارات المتوفرة لا تدخل النظام المصرفي بل تزيد من هيمنة اقتصاد الكاش.

أما بالنسبة لمخاطر وتحديات وفرة الدولارات في السوق مؤخراً، فهي كثيرة، حيث تساعد في هيمنة اقتصاد الكاش على السوق الأمر الذي يزيد من مخاطر الفساد والجريمة المنظمة، ويقلل من قدرة الدولة على مراقبة الأموال والسيطرة على السيولة.

إضافة إلى ذلك، فإنها تزيد من دخول الأموال غير مشروعة أو غير المراقبة ما يزيد من الفساد ويعيق الإصلاحات الاقتصادية.

باختصار، يمكننا القول أنه بدون تنفيذ إصلاحات اقتصادية جوهرية، لن يكون الانتعاش الاقتصادي مستدامًا. وفي هذه المرحلة إن وفرة الدولارات تعبر عن قوة الاقتصاد النقدي المليء بالمخاطر، ولتحقيق الفوائد المرجوة لا بد من وجود إصلاحات جذرية في النظام المالي والمصرفي والسياسي لضمان استخدام فعّال ومستدام لهذه الموارد المالية.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري لـ”الجريدة” : منصوري أدخل لبنان بمرحلتين جديدتين خصوصاً عندما أوقف طباعة العملة

قرر مصرف لبنان تجديد العمل بالتعميمين “اليتيمين” 158 و166 لمدة سنة قابلة للتجديد، اعتبارًا من 1 تموز 2024 وهو ما يسمح للمودعين الاستفادة من جزء من ودائعهم وإن كانت بقيمة متدنية جداً وضمن قيود مفروضة عليهم ولا ترقى إلى مستوى رد الوديعة بالكامل. فهل يمكننا اعتبار هذين التعديلين حلاً مناسباً لمعضلة المودعين؟

على الرغم من أن تعديل التعميمين يوسع خيارات المودعين بسحب “فتات” ودائعهم وسط قيود تحول دون إمكانيتهم بسحبها كاملة، إلا أن الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري يرى من خلال حديثه لموقع “الجريدة” أن “هذين التعديلين كانا إيجابييان، ومن الواضح أن هناك نية بتوسيع مروحة المستفيدين خصوصاً وأن التعديلات شملت كل الحسابات ما قبل 30 حزيران 2023، حيث أصبح بإمكان المودعين اختيار التعميم الذي يريدون الاستفادة منه، كما يمكن للمستفيدين الإستفادة من التعميم 166 حتى لو كانوا قد استفاد من التعميم 158 سابقاً، وأية عملية تحويل من اللبناني للدولارأو من حساب لآخر أصبحت مشمولة ضمن التعديلات، وهو ما يساهم بتسيير أمور المودعين الصغار”.

إلا أن ذلك لا يعني أن حصة المستفيدين من التعميم 166 عن 150 دولاراً أو المستفيدين من التعميم 158 عن 300 دولار ستزيد من خلال هذين التعميمين بل على العكس، فهذه التعديلات ستبقي الودائع محتجزة في المصارف وتردّ للمستفيدين بحسب التعاميم السابقة حتى “تحرير” الصغرى منها و”تصغير” الودائع الكبيرة. وعلى ما يبدوا أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري اتفق مع المصارف على استعادة جزء من أموالها في الخارج لتمويل هذه السحوبات.

فهل يستفيد المودع من التعديلين من دون عوائق؟

وقال الخوري: “هذين التعديلين هدفهما تقليص دائرة الاستثناءات وفتح الباب أمام المودعين الذين لم يحالفهم الحظ بالاستفادة من التعاميم السابقة، ومن قاموا بتحويل حساباتهم من الليرة إلى الدولار وأيضاً تجار صيرفة والشيكات”.

ويشدّد الخوري على أن “منصوري أدخل لبنان بمرحلتين جديدتين خصوصاً عندما أوقف طباعة العملة والتدخل شاري للدولار وأوقف تمويل الدولة، وعلى أساس هذه الخطوات أصبح بإمكانه تكوين احتياطات بالعملات الأجنبية ما سمح له بتوسيع مروحة المستفيدين وهو ما ترجم عبر التعديلين الأخيرين”.

إلا أن ذلك لا يمكنه أن يكون حلاً جذرياً لمشكلة المودعين، وبحسب الخوري الحل لن يكون إلا بمحاسبة من هرب أمواله إلى الخارج خصوصاً المحظيين سياسياً والمصرفيين الذين استطاعوا الاستفادة من الأزمة على حساب المودعين.

للاطلاع على المقال كاملاً: اضغط هنا

الخوري لـ” الجمهورية”: سعر الصرف وهمي وحقيقي في الوقت عينه

يقول الاقتصادي بيار الخوري لـ«الجمهورية» ان سعر الصرف الحالي هو وهمي وحقيقي في الوقت نفسه، حقيقي لأنه السعر الذي يتوافق مع آخر سعر صرف اعتمد في السوق السوداء قبل انسحاب المركزي من السوق، ومذّاك يتحرك بهامش لا يزيد عن 100 او 200 ليرة. وتالياً يمكن القول ان الضخ الكثيف لليرة اللبنانية الذي كان يعتمده المركزي في مرحلة سابقة أدى الى انهيار سعر الصرف، بينما انسحابه من السوق ادى الى تهدئة الوضع، فلو أتى انسحابه بوقت أبكر، تاركاً المجال للعناصر الاقتصادية ان تؤدي دورها، ربما ما كان وصل سعر الصرف الى 90 الفاً ولا حتى الى 140 الفاً.

تابع الخوري: أما سعر الصرف فهو وهمي لأنه مُثبت بقرار وغير متروك لعناصر السوق، صحيح ان المركزي ما عاد يتدخل في السوق طابعاً لليرة، انما يتدخل شارياً للدولار. وتساءل: هل كان ممكناً منذ عام الى اليوم تراجع سعر صرف الدولار في ظل توقف المركزي عن طبع الليرة؟ نعم بكل تأكيد، لذلك نقول ونؤكد ان السعر المعتمد اليوم هو وهمي. اضاف: ان ارتفاع فائدة الانتربنك على الليرة والتي وصلت الى 120% و 130% يدل على ان هناك طلباً على الليرة وكان يجب ان ينعكس هذا الامر تراجعاً في سعر الصرف، الا ان المصرف المركزي لم يسمح بذلك وأصرّ على تثبيته على سعر 89500 ليرة.

لماذا يشتري المركزي الدولار؟

وبرّر الخوري تدخل المركزي بالسوق شارياً للدولار لسببين إمّا لرفع احتياطيه من النقد الاجنبي، وامّا لتأمين دولارات تلبية لنفقات الدولة ما حال دون تسجيل اي انخفاض اضافي بسعر صرف الدولار. وأسِف لأنّ هذا التوجه أتى على حساب ثروات الناس ومن خلال الضرائب غير العادلة التي فرضت في موازنة 2025، لافتاً الى ان تراجع سعر الصرف، لو حصل، لكان انعكس ايجاباً على مستوى الاجور وتعويض المودعين وتعويض الثروات التي ضاعت.

واعتبر الخوري ان ما حصل في الاعوام 2022 و 2023 هو انهيار خيالي وغير مبرر ولم يُسمح حتى الان ان يحصل اي توازن حقيقي لسعر الصرف، بل هناك قرار بتثبيته على هذا المعدل لعدة اسباب منها الحفاظ على قيمة الودائع بالليرة، الابقاء على قيمة ديون الدولة بالليرة، والابقاء على مستوى الدخل.

ضخ متعمّد لليرة؟

الى ذلك، لم يستبعد الخوري ان يكون الاسلوب الذي اعتمد في الفترة السابقة من ضخ لليرة في السوق متعمّداً لأنه جاء ليلبّي مجموعات من المصالح الخاصة اعتاشت من هذا الانهيار، فعلى سبيل المثال لا الحصر انّ منصة صيرفة كانت بوابة استفادت منها مجموعات من المصالح الخاصة على مدى سنتين على حساب الليرة، كذلك تعاظمت بعض المصالح عبر بوابة «طبع الليرة» والمضاربة عليها، وأتت «خطة الدعم» تلبية لبعض المصالح ونتكلم هنا عن مبالغ أُهدرت تتراوح ما بين 7 و 14 مليار دولار صُرفت على الدعم الوهمي استفادت منها المصالح الخاصة. وللأسف انّ هذه المصالح الخاصة لا تزال تعمل وتسيطر حتى اليوم ويظهر ذلك جلياً من خلال أزمة الطوابع واحتكارها وبيعها في السوق السوداء في حين تعجز الدولة عن اعتماد الطابع الالكتروني…

ما هو سعر الدولار الحقيقي؟

ورداً على سؤال عن السعر الحقيقي للدولار، قال الخوري: من قرابة العام، أي قبل اندلاع حرب غزة، قلت ان السعر الحقيقي للدولار يتراوح ما بين 50 الى 60 الفاً، اما اليوم فلا يمكن تقديره مرجّحاً ان يكون حوالى 70 الفاً. وقال: لمعرفة السعر الحقيقي للدولار يجب تحريره كليّاً بحيث لا يتدخل المركزي لا بائعاً ولا شارياً للدولار. أضاف: بما ان سعر الدولار لا يتحرك صعوداً ولا نزولاً، فهذا يعني ان هناك قراراً بتثبيته مهما زاد عرض الدولارات. وعَزا هذا التثبيت المتعمّد كي لا تضطر الدولة الى رفع مستوى المعاشات، وتجنّباً لتعاظم دينها بالليرة اللبنانية مجدداً، فديونها بعدما كانت مُحتسبة على دولار 1500 ليرة، باتت محررة اليوم وفق سعر صرف 90 الفاً، ما أمّنَ لها وفراً يقدر بنحو 5600%، اي ما يوازي نحو 94% من قيمة الدين. وعليه، انّ اي تحسّن بالليرة سيؤدي الى رفع قيمة الدين بالليرة على الدولة مجدداً، ويؤدي الى ارتفاع قيمة سندات الدين وهذا ما لا تتمناه.

للاطلاع على المقال كاملاً: اضغط هنا