الخوري لـ”+963″: مشاركة سوريا في جمعية الصحة العالمية فرصة حقيقية لإعادة ربط النظام الصحي السوري بمنظومته الدولية

يقول الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا، الدكتور بيار الخوري لـ “963+”، إن الهدف الرئيسي لمشاركة سوريا في الاجتماع هو حشد دعم أكبر لإعادة هيكلة القطاع الصحي، لا سيما في المحافظات المتضررة من النزاع مثل حلب ودير الزور وحمص.

كما تسعى إلى تحسين الوصول للأدوية والمعدات من خلال آليات دولية أكثر مرونة، وفتح قنوات جديدة للتعاون مع دول لم تكن داعمة في السابق، والاستفادة من التحول التدريجي في بعض المواقف الدولية تجاه مسار التعافي المبكر دون ربطه بالحل السياسي الشامل.
وفيما يتعلق بتحويل قرارات الجمعية إلى أثر عملي داخل سوريا، يوضح الخوري أن الأمر يعتمد على عدة عوامل، أهمها قدرة الحكومة على تقديم خطط تقنية مقنعة وقابلة للتنفيذ، وضمان الشفافية النسبية في تخصيص الموارد، والتعاون مع شركاء أمميين ومؤسسات مانحة مثل “غافي” للقاحات، والصندوق العالمي، والصليب الأحمر.

ويمكن للجمعية أيضاً، بحسب الخوري، أن تفتح الباب أمام اتفاقيات ثنائية لدعم مشاريع صحية محددة، مثل ترميم المستشفيات الأساسية أو تدريب الكوادر الصحية في المناطق الريفية.

ويشير إلى أن هناك نماذج يمكن لسوريا الاستفادة منها، كتجربتي سيراليون وليبيريا بعد تفشي الإيبولا، حيث تم توظيف تمويل دولي ضخم لتعزيز سلاسل الإمداد، وإنشاء وحدات استجابة للطوارئ، وتطوير نظام الترصد الوبائي المجتمعي.

ويضاف إلى ذلك تجربة العراق في إعادة بناء المستشفيات في الموصل، عبر شراكات بين وزارة الصحة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، توفر دروساً مهمة في التنسيق والتوزيع العادل.
ويشدد على أن تحقيق التكامل بين المساعدات الدولية والجهود المحلية يتطلب وجود آلية مستقلة نسبياً للإشراف المشترك على التنفيذ، مع إشراك المجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني في المراقبة والتقييم، وتوفير بيانات دقيقة ومحدثة.

ويختتم الخوري حديثه بالتأكيد على أن مشاركة سوريا في جمعية الصحة العالمية ليست مجرد حدث ديبلوماسي، بل تمثل فرصة حقيقية لإعادة ربط النظام الصحي السوري بمنظومته الدولية، بشرط أن تترافق هذه المشاركة مع إرادة صادقة لتجاوز الخطابات الشكلية والعمل على إصلاح فعلي يضع صحة المواطن في المقدمة.

للاطلاع على المقال كاملا:  اضغط هنا 

الخوري لـ”لبنان 24″ : التحوّل المحتمل في سوريا يهدد الدور التقليدي للبنان كمركز مالي وتجاري

في خضمّ التبدلات السياسية التي عصفت بالمنطقة، برزت تساؤلات بشأن قدرة لبنان على استقطاب الفرص والإستثمارات لتعزيز استقراره مع انتخاب رئيس جديد له وتشكيل حكومة جديدة. إلا أن هذه العملية الطويلة لتحقيق الهدف الحكومي أرهقت على ما يبدو المستثمرين، في ظل المستجدّ الأبرز، إعادة إعمار سوريا مع كل الفرص التي تستقطبها المرحلة اللاحقة.

فلبنان الذي يواجه حاليًا تحديات اقتصادية وسياسية معقدة تعكس أزمات هيكلية متراكمة، قد يستفيد من الأوضاع الجيوسياسية الراهنة إذا تمكن من إعادة تموضعه بذكاء واستغلال الفرص المتاحة.

منافسة مع سوريا
وفق الخبير الإقتصادي البروفسور بيار الخوري، فمع تحوّل المشهد الإقليمي وخاصة في ظل جهود إعادة إعمار سوريا، يجد لبنان نفسه في منافسة غير مباشرة معها، إذ سيسعى النظام الجديد هناك إلى استقطاب الاستثمارات الدولية وفرض نفسه كلاعب اقتصادي جديد.

وأشار الخوري في حديثه إلى “لبنان 24” إلى أن هذا التحول المحتمل يهدد الدور التقليدي للبنان كمركز مالي وتجاري، خاصة مع فقدان الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، الذي كان تاريخيًا، الوسيط الرئيسي لرؤوس الأموال في المنطقة.

وأضاف أن إعادة إعمار سوريا تشكل تحديًا وفرصة للبنان في آنٍ واحد. فمن جهة، قد تؤدي الاستثمارات المباشرة في سوريا إلى تحويل رؤوس الأموال بعيدًا عن لبنان، ما يقلل من دوره الاقتصادي ويؤثر على قطاعاته المالية والتجارية. كما أن العمالة اللبنانية الماهرة قد تجد في مشاريع الإعمار فرصًا أفضل، مما يفاقم نقص الكفاءات داخل لبنان.

بالإضافة إلى ذلك، قد تأتي المساعدات الدولية الموجهة لسوريا على حساب الدعم المخصص للبنان، ما يزيد من أزمته المالية. لكن في المقابل، لا تزال للبنان ميزة جغرافية واقتصادية، حيث يمكن أن يكون ممرًا أساسيًا لإعادة الإعمار، مستفيدًا من مرافئه، وخبراته التجارية، والقدرات اللوجستية المتاحة لديه. فإذا تمكن من تحسين بيئة الأعمال، وتوفير الحوافز المناسبة، وتعزيز شراكاته الإقليمية، قد يتحول إلى منصة رئيسية لتوريد المواد والخدمات إلى سوريا.

إصلاحات مطلوبة
إلا أن تحقيق هذا السيناريو الإيجابي يتطلب إصلاحات جذرية وخاصة في القطاع المصرفي، الذي فقد ثقة المستثمرين بسبب القيود المفروضة على الودائع والانهيار المالي المستمر. ففي حين أن سوريا تعاني من عقوبات دولية تمنعها من الاستفادة الكاملة من نظامها المصرفي، قد يكون لبنان، إذا أعاد هيكلة قطاعه المالي واستعاد الثقة الدولية، نقطة عبور للمستثمرين الذين يرغبون في دخول السوق السورية من دون المخاطرة المباشرة. ومع ذلك، فإن استمرار الفساد والجمود السياسي قد يمنع لبنان من استغلال هذه الفرصة، ما يجعله عرضة لمزيد من العزلة الاقتصادية.

واعتبر الخوري أن الاستثمارات العربية خاصة من دول الخليج، لن تتجه إلى لبنان إلا إذا أثبت التزامه بإصلاحات حقيقية، مثل تحسين الحوكمة المالية، وتقديم حوافز اقتصادية، وإعادة هيكلة المؤسسات المتعثرة. فبدون هذه الإصلاحات، ستبقى رؤوس الأموال الخليجية بعيدة، وربما تتجه مباشرة إلى سوريا إذا أصبحت بيئة الأعمال فيها أكثر استقرارًا. لذا، إذا أراد لبنان اجتذاب الاستثمارات قبل سوريا، عليه أن يركز على استعادة ثقة الأسواق، تحسين بنيته التحتية، وإعادة تموضعه كمركز مالي ولوجستي إقليمي.

سيناريو قاتم
أما إذا لم ينفذ لبنان الإصلاحات المطلوبة، فإن السيناريو الاقتصادي سيكون أكثر قتامة. وسيؤدي المزيد من التدهور المالي إلى فقدان الثقة بالنظام المصرفي والعملة المحلية، مما سيدفع المستثمرين إلى البحث عن بدائل أكثر استقرارًا. كما أن العزلة الاقتصادية ستزداد، خاصة إذا توقفت المساعدات الدولية بسبب عدم تحقيق تقدم في الإصلاحات.

إلى ذلك، سيؤدي ارتفاع معدلات البطالة وهجرة الكفاءات إلى إضعاف الاقتصاد أكثر، مما يسرّع انكماش القطاع الخاص وتراجع الاستثمارات الداخلية. وبينما تستفيد دول أخرى، مثل سوريا وتركيا، من التحولات الإقليمية، قد يجد لبنان نفسه متأخرًا، غارقًا في أزماته الداخلية، وعاجزًا عن استعادة دوره التقليدي في المنطقة.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري للمجلة: مصير الاتفاقات اللبنانية السورية يتوقف على مدى جدية لبنان في ضبط حدوده، والتفاوض على مصالحه

العلاقات بين لبنان وسوريا كانت ولا تزال محكومة باتفاقات ثنائية وواقع جغرافي يجعل من سوريا شريانا حيويا للاقتصاد اللبناني، خصوصا في مجالي الترانزيت والتجارة.

سوريا فرضت مصالحها من موقع الأقوى!

ولا ينكر الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري أن “سوريا أفادت بشكل كبير من هذه الاتفاقات، سواء من خلال فرض رسوم على الشاحنات اللبنانية العابرة لأراضيها أو من خلال تدفق منتجاتها الزراعية والصناعية إلى السوق اللبنانية بأسعار تنافسية بسبب التهرب الجمركي الواسع”. في المقابل، عانى لبنان من خلل في الميزان التجاري مع سوريا، إضافة إلى التأثير السلبي على قطاعات إنتاجية محلية لم تستطع الصمود أمام السلع السورية المنخفضة التكلفة. وفي رأيه أن  “أبرز التأثيرات السلبية، كانت واضحة في قطاعي الزراعة والصناعة اللبنانية، حيث واجهت المنتجات المحلية منافسة شديدة نتيجة تدني الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات السورية”.

ووفق بيار الخوري، يمكن للبنان الانسحاب من هذه الاتفاقات، إذا تبين أنها تضر بمصالحه. ولكن الانسحاب من طرف واحد قد يواجه تعقيدات قانونية وسياسية، تعيد التوتر إلى العلاقات مع سوريا، لا سيما في ظل اعتماده الجغرافي على الأراضي السورية.

وفيما يجمع البعض أن من ضمن الاتفاقات “الخطيرة” بالنسبة للبنان، أو أقله المجحفة، هي اتفاقية نقل الأشخاص والبضائع وتلك المتعلقة بتوزيع مياه نهر العاصي. يوضح الخوري أن سوريا فرضت رسوما مرتفعة على شاحنات الترانزيت بما أثقل كاهل المصدرين اللبنانيين. وعلى الرغم من التحديات، يعتبر أنه لا يزال في إمكان لبنان إعادة التفاوض على هذه الاتفاقات لتأمين توازن أفضل يحمي مصالحه الاقتصادية، خصوصا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تجعل من إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية ضرورة ملحة.

ويؤكد أن “انعدام التوازن بين البلدين وقدرة سوريا طوال هذه الأعوام على فرض مصالحها من موقع الأقوى،  جعل هذه الاتفاقات تخسر طابع الاستدامة. كما أن اختلاف الأنظمة الاقتصادية بين البلدين لعب في مصلحة النظام الأكثر ‘جبرية’ على حساب النظام الذي يتمتع بدرجة أقل من التخطيط المركزي”.

يتوقف مصير هذه الاتفاقات اليوم على مدى قدرة لبنان وجديته في ضبط حدوده، والتفاوض على مصالحه من جهة، وعلى مستقبل النظام الاقتصادي في سوريا من جهة أخرى. أما “معاهدة” التعاون والتنسيق فهي تحتاج إلى تصفية العناصر التي تعطي تفوقا، بغير وجه حق، لأي طرف على حساب الآخر.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا