العلاقات بين لبنان وسوريا كانت ولا تزال محكومة باتفاقات ثنائية وواقع جغرافي يجعل من سوريا شريانا حيويا للاقتصاد اللبناني، خصوصا في مجالي الترانزيت والتجارة.
سوريا فرضت مصالحها من موقع الأقوى!
ولا ينكر الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري أن “سوريا أفادت بشكل كبير من هذه الاتفاقات، سواء من خلال فرض رسوم على الشاحنات اللبنانية العابرة لأراضيها أو من خلال تدفق منتجاتها الزراعية والصناعية إلى السوق اللبنانية بأسعار تنافسية بسبب التهرب الجمركي الواسع”. في المقابل، عانى لبنان من خلل في الميزان التجاري مع سوريا، إضافة إلى التأثير السلبي على قطاعات إنتاجية محلية لم تستطع الصمود أمام السلع السورية المنخفضة التكلفة. وفي رأيه أن “أبرز التأثيرات السلبية، كانت واضحة في قطاعي الزراعة والصناعة اللبنانية، حيث واجهت المنتجات المحلية منافسة شديدة نتيجة تدني الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات السورية”.
ووفق بيار الخوري، يمكن للبنان الانسحاب من هذه الاتفاقات، إذا تبين أنها تضر بمصالحه. ولكن الانسحاب من طرف واحد قد يواجه تعقيدات قانونية وسياسية، تعيد التوتر إلى العلاقات مع سوريا، لا سيما في ظل اعتماده الجغرافي على الأراضي السورية.
وفيما يجمع البعض أن من ضمن الاتفاقات “الخطيرة” بالنسبة للبنان، أو أقله المجحفة، هي اتفاقية نقل الأشخاص والبضائع وتلك المتعلقة بتوزيع مياه نهر العاصي. يوضح الخوري أن سوريا فرضت رسوما مرتفعة على شاحنات الترانزيت بما أثقل كاهل المصدرين اللبنانيين. وعلى الرغم من التحديات، يعتبر أنه لا يزال في إمكان لبنان إعادة التفاوض على هذه الاتفاقات لتأمين توازن أفضل يحمي مصالحه الاقتصادية، خصوصا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تجعل من إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية ضرورة ملحة.
ويؤكد أن “انعدام التوازن بين البلدين وقدرة سوريا طوال هذه الأعوام على فرض مصالحها من موقع الأقوى، جعل هذه الاتفاقات تخسر طابع الاستدامة. كما أن اختلاف الأنظمة الاقتصادية بين البلدين لعب في مصلحة النظام الأكثر ‘جبرية’ على حساب النظام الذي يتمتع بدرجة أقل من التخطيط المركزي”.
يتوقف مصير هذه الاتفاقات اليوم على مدى قدرة لبنان وجديته في ضبط حدوده، والتفاوض على مصالحه من جهة، وعلى مستقبل النظام الاقتصادي في سوريا من جهة أخرى. أما “معاهدة” التعاون والتنسيق فهي تحتاج إلى تصفية العناصر التي تعطي تفوقا، بغير وجه حق، لأي طرف على حساب الآخر.
للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا