الخوري لـ “الجريدة” : حل الأزمة الدستورية ركيزة أساسية لتحسين المناخ الاستثماري في لبنان

تسبب العدوان الاسرائيلي على لبنان بخسائر اقتصادية كبيرة طالت القطاعات الأساسية في مختلف المناطق وقدر حجمها بين 15 إلى 20 مليار دولار، فيما فقد أكثر من 500 ألف لبناني أعمالهم نتيجة نزوح نحو 1.5 مليون مواطن، إضافة إلى تدمير بنى تحتية ومؤسسات تجارية كثيرة وشلل كامل في القطاع السياحي.

اليوم وبعد دخول اتفاقية وقف اطلاق النار حيز التنفيذ، ثمة تساؤلات تطرح حول مصير هؤلاء الذين فقدوا مورد رزقهم، وما إن كانوا سيعودوا إلى أعمالهم.
هل وقف إطلاق النار في لبنان يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي؟ وهل من إمكانية خلق فرص عمل جديدة للبنانيين؟

أسئلة كثيرة طرحها موقع “الجريدة” على الخبير الاقتصادي بيار الخوري والذي رأى أن وقف إطلاق النار في لبنان يفتح الباب، أمام مرحلة جديدة من الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي، حيث تُعد عملية إعادة الإعمار فرصة لإعادة تشكيل سوق العمل واستيعاب أعداد كبيرة من العمال الذين فقدوا وظائفهم بسبب الحرب والنزوح وتدمير المؤسسات التجارية والبنية التحتية.

هذه العملية لا تقتصر على قطاع البناء والإعمار فحسب، بل تتعداه لتشمل كافة القطاعات والوظائف المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بهذا القطاع الحيوي.

كما لفت الخوري إلى أن إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، مثل الطرق والجسور وشبكات الكهرباء والمياه، ستكون البداية المنطقية، ما يعني خلق فرص عمل كبيرة للمهندسين، العمال المهرة، وغير المهرة.

ومع توسع هذه المشاريع، ستزداد الحاجة إلى توريد المواد الخام مثل الإسمنت، الحديد، والزجاج، مما ينشط الصناعات المرتبطة بهذه المواد ويوفر فرص عمل إضافية.

بالإضافة إلى ذلك، سيتطلب تنفيذ هذه المشاريع دعمًا كبيرًا من قطاع النقل والخدمات اللوجستية لنقل المعدات والمواد، إلى جانب الحاجة إلى خدمات هندسية، قانونية، واستشارية متخصصة، مما يزيد من الطلب على العمالة في هذه القطاعات.

وإلى جانب قطاع البناء، فإن القطاعات الداعمة مثل الصناعة والتجارة ستشهد انتعاشًا ملحوظًا. وهو ما يؤكده الخوري، وستحتاج المصانع إلى زيادة إنتاجها لتلبية الطلب على المواد المستخدمة في البناء، بينما ستشهد الأسواق والمحال التجارية حركة تجارية نشطة نتيجة عودة القدرة الشرائية تدريجيًا.

كما أن قطاع التكنولوجيا قد يستفيد من هذه المرحلة أيضاً، حيث سيتطلب الأمر تطوير البنية الرقمية بما يتماشى مع عمليات إعادة الإعمار، مما يوفر فرص عمل جديدة في مجالات البرمجة، تطوير البرمجيات، وأنظمة الحماية.

وعودة الأمن والاستقرار ستعيد الحياة إلى قطاع السياحة والضيافة، حيث يمكن أن يؤدي تحسن الوضع الأمني إلى زيادة تدفق السياح، ما يخلق وظائف جديدة في الفنادق، المطاعم، والخدمات السياحية. بحسب الخوري.

كمل يرى أن التعليم والتدريب المهني، يمكنه أيضاً لعب دور محوري في توفير برامج تدريبية متخصصة لتأهيل القوى العاملة بالمهارات اللازمة للمشاركة في ورشة إعادة الإعمار، ما يزيد من فرص التشغيل.

على الجانب الآخر، يُعد حل الأزمة الدستورية ركيزة أساسية لتحسين المناخ الاستثماري في لبنان. التوصل إلى اتفاق سياسي يعزز الثقة لدى المستثمرين المحليين والدوليين، ما يفتح الباب لتدفق الاستثمارات ليس فقط في قطاع البناء، بل في القطاعات المالية، الصناعية، والخدماتية، مما يؤدي إلى توسع شامل في سوق العمل.

إذاً، رغم هذه الآفاق الواعدة، تبقى هناك تحديات كبيرة. قد يرفض بعض أصحاب العمل إعادة الموظفين الذين فقدوا وظائفهم خلال الأزمة، أو قد يلجؤون إلى تخفيض الرواتب نتيجة الضغوط الاقتصادية.

في هذه الحالة، يصبح من الضروري تعزيز دور الدولة والمؤسسات الرقابية لضمان تطبيق القوانين التي تحمي حقوق العمال. كما يمكن للنقابات العمالية اذا حزمت امرها ورغبت في ذلك والمنظمات الحقوقية، أن تلعب دوراً محورياً في الدفاع عن حقوق العمال والمساعدة في تحقيق بيئة عمل عادلة.

وقف إطلاق النار في لبنان وما يتبعه من جهود إعادة الإعمار وحل الأزمة السياسية يمكن أن يشكل نقطة تحول حقيقية. إذا تم استغلال هذه الفرصة بشكل صحيح، يمكن أن يتحول لبنان إلى ورشة عمل واسعة تخلق فرصاً اقتصادية واجتماعية تسهم في بناء مستقبل أكثر استقراراً.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

Share with your friends