الخوري لـ”الاقتصاد اللبناني” : رفع قيود السفر عن المواطنين الإماراتيين وقريباً السعوديين قد يعيد الأمل لصيف سياحي واعد

قال الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث لموقعنا Leb Economy “بعد سنوات من التراجع الحاد في قطاع السياحة اللبناني، يأتي رفع قيود السفر عن المواطنين الإماراتيين وقريباً السعوديين، كأحد أبرز المؤشرات الإيجابية التي قد تعيد الأمل لصيف سياحي واعد. علماً ان هذا القرار لا يُفهم فقط من زاوية السفر، بل يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية تعكس تحسناً نسبياً في الثقة الإقليمية تجاه الوضع اللبناني، ولو بشكل حذر. من هنا، يصبح من الضروري قراءة هذا التطور في سياقه الأشمل”.

وأضاف الخوري: “الوضع الحالي في لبنان لا يزال معقداً. فالاقتصاد يعاني من ركود مزمن، والبنية التحتية السياحية تعمل بطاقة منخفضة نتيجة سنوات من الإهمال ونقص الاستثمارات. ومع ذلك، يبقى القطاع السياحي من القطاعات القليلة القادرة على توليد سيولة نقدية مباشرة وسريعة”.
ولفت الخوري الى انه “حالياً، يعتمد النشاط السياحي بشكل كبير على المغتربين اللبنانيين، خصوصاً من أوروبا وأفريقيا، بينما كانت الفجوة واضحة بغياب الزوار الخليجيين، الذين يمتازون بمعدلات إنفاق مرتفعة نسبياً. لذلك عودتهم المحتملة تعني تحولاً نوعياً في نوعية السائح، لا كميته فقط”.

بالنسبة للتوقعات حول اعداد الخليجيين القادمين الى لبنان خلال فصل الصيف، قال الخوري “تشير التقديرات الأولية إلى إمكانية استقبال ما بين 300 إلى 450 ألف زائر خليجي خلال موسم الصيف، مقارنة بأقل من 80 ألفاً في السنوات الثلاث الماضية. في ذروة الفترات السياحية السابقة وقد تجاوز عدد السياح السعوديين وحدهم حاجز 200 ألف سنوياً، مع إنفاق يُقدّر بنحو 2,500 دولار للفرد في المتوسط خلال الإقامة هذا يعني أننا نتحدث عن تدفقات مالية محتملة تتراوح بين 750 مليون إلى مليار دولار في حال تحقق السيناريو الإيجابي، وهو رقم قادر على تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، لا سيما في قطاعات مثل الفنادق، المطاعم، محلات التسوق، والأنشطة الترفيهية.

لكن التأثير لا يقف عند القطاعات المباشرة، أردف الخوري “عودة الزخم السياحي ستنعكس على قطاعات غير مباشرة مثل النقل (خاصة شركات الأجرة والتأجير)، خدمات الدعم (التنظيف، الأمن، الصيانة)، والحرف اليدوية المحلية. كما يمكن أن تعيد بعض الاستثمارات الصغيرة إلى السوق، لا سيما في المناطق التي يرتادها الزوار الخليجيون مثل بيروت، جبل لبنان الجنوبي، كسروان، حبيل والبترون.”

لكن رغم هذه المؤشرات الواعدة، رأى الخوري أن ثمة تحديات جدية ينبغي عدم تجاهلها:
-البنية التحتية الفندقية، التي لم يتم تجديد معظمها منذ 5 سنوات، إضافة إلى ضعف الكهرباء وانقطاع الإنترنت في بعض المناطق السياحية، ما قد يؤثر على تجربة الزائر.
-الأمن، رغم تحسنه النسبي، لا يزال يشكل هاجساً لبعض السائحين، خصوصاً مع التغطية الإعلامية السلبية للوضع في لبنان.

ويضاف إلى ذلك التفاوت الكبير في الأسعار بين المناطق، وغياب المعايير الموحدة في الجودة والخدمة، مما قد ينعكس سلباً على الانطباع العام للزوار “لذلك من الضروري أن تتحرك الدولة والقطاع الخاص بسرعة. ويجب إعادة تشغيل غرف العمليات السياحية بين الوزارات، وضع خطة طوارئ لتأمين الكهرباء والمياه للمرافق الحيوية في الصيف، وتقديم حوافز ضريبية سريعة للفنادق والمطاعم التي تجري تحسينات على خدماتها قبل الموسم. كما يمكن تنظيم حملة ترويجية إلكترونية موجهة خصيصاً لسياح الخليج، تسلط الضوء على الجوانب الآمنة والرفاهية والثقافية التي لا تزال تشكل قيمة مضافة للبنان”.

أما بشأن السيناريوهات المستقبلية، فيمكن تصور ثلاثة مسارات وفق الخوري:
– السيناريو المتفائل يفترض استقراراً أمنياً نسبياً، وتعاوناً بين الجهات المعنية، ما ينتج عنه موسم ناجح يقارب أرقام ما قبل 2011، مع ضخ مليار دولار في الاقتصاد السياحي.
– السيناريو الواقعي، الأكثر ترجيحاً، يتوقع عودة تدريجية للزوار الخليجيين بنحو 60 إلى 70% من حجمهم السابق، مع تحقيق عائدات بنحو 500 إلى 700 مليون دولار.
– أما السيناريو المتشائم، فيفترض تصاعد التوتر الأمني أو الفشل في تهيئة البنية التحتية، مما يحد من التأثير الإيجابي، ويُبقي أعداد الزوار ضمن نطاق رمزي لا يتجاوز 150 ألفاً، وهو سيناريو لا يمكن استبعاده بالكامل في ظل هشاشة الدولة.

في المحصلة، ختم الخوري بالتأكيد على ان الفرصة سانحة لكنها ليست مضمونة. وقال: “الرهان ليس فقط على عدد السائحين، بل على نوعية التجربة التي سيحملونها معهم بعد زيارتهم. الاقتصاد اللبناني لا يحتاج إلى موسم واحد ناجح، بل إلى إعادة بناء.

للاطلاع على المقال كاملاً: اضغط هنا

Share with your friends