طريق الحرير: “لن تعرقله تفاهات الحالة اللبنانية”.. وهل تستغني بكين عن بيروت؟

مبادرة الحزام والطريق الصينية، كثير منا كلبنانيين لا يعلمون ما تعنيه هذه المبادرة، لكن لو دخل الجانب اللبناني فعلياً بها لشهدت البلاد ازدهارا لا سابق له.

أطلقت الصين هذه المبادرة في العام 2013 بهدف تعزيز وتسهيل سيولة التجارة بين الدول الواقعة على طريق الحرير الذي يقع في صلبها لبنان، من خلال إنشاء بنى تحتية حديثة في المجالات كافة. وقد انضمت بيروت رسميا لهذه المبادرة في العام 2017، بعهد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لكن ذلك جاء بعدما وقّعت كل دول المنطقة الاتفاق مع الصين، بالإضافة إلى إنجازها مشاريع مرتبطة بهذا الاتفاق.

 

 

في هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي المهتم بمبادرة الحزام والطريق د. بيار الخوري عبر موقع LebanonOn أن “دول الشرق الأوسط تمتد من إيران إلى الدولة العبرية مرورا بالخليج العربي، ناهيك عن دول المغرب العربي ومصر، فيما لم يقم لبنان منذ توقيعه الاتفاقية بأي جهد لترجمة انضمامه للمبادرة الصينية”.

وقال الخوري إن “كل الدول وجدت مصلحتها بالاندراج في المبادرة، إلا لبنان لم يستطع أن يخطو خطوة واحدة في هذا الاتجاه”. ورأى أن “الولايات المتحدة ليست السبب بذلك إنما هي مستفيدة. وعزا ما فعله لبنان إلى انعدام الاستراتيجية والرؤية بالمجالات كافة”، مشيراً إلى “دخول العديد من الدول الذين هم شركاء وحلفاء مع واشنطن بطريق الحرير أبرزهم الدولة العبرية”.

 

 

وشدد الخوري على أن “الصين لم تستغن يوماً عن لبنان ولم تفارق الوقوف إلى جانبه رغم وجود عدم تكافؤ في الاهتمام بين الدولتين”. وأضاف أن “مشروع طريق الحرير مشروع ضخم جداً لا يمكن أن تعرقله تفاهات الحالة اللبنانية، وهذا لا يعني أن الصين ستستبدل لبنان بأي دولة أخرى لأن طريق الحرير هي خطوط جغرافية تؤسس للتجارة، ولبنان موجود على جغرافية هامة جداً بالنسبة لهذه الطريق”.

وختم الخوري بأن “كلما تأخر لبنان في الدخول بهذا المشروع التنموي الهائل، باتت منافعه مع مرو الوقت أقل”.

من جهة أخرى، حالت الشكوك بعد انفجار مرفأ بيروت حول أن الفاعل هي إسرائيل، وذلك بسبب مصلحتها الكبيرة بإخراج الموانئ المحيطة في كل من لبنان وسوريا من الخدمة، وتحويل السفن التجارية إلى مرفأ حيفا، حيث تطمح إلى جعله مركزاً تجارياً إقليمياً يسيطر على كل التجارة البحرية في المنطقة، خصوصا بعد توقيع بلدية مدينة حيفا اتفاقاً مع الصين في حزيران العام 2019، مدته 25 عاماً، لبناء ميناء بحري كبير على البحر الأبيض المتوسط وتشغيله في أيلول العام 2021.

طريق الحرير الصيني الجديد بشقّيه البرّي والبحري، يُعيد حياكة العلاقات الإقتصادية والسياسية والثقافية العالمية في القرن الـ 21 لوصل ما إنقطع من علاقات بين الدول، فهل يستيقظ لبنان من كبوته وينتفض على واقعه الاقتصادي بالمشاركة الفعلية بمبادرة الحزام والطريق، أم سينتظر ليتخلى عنه العالم أجمع؟

Lebanonon

الخوري يتحدث لصوت بيروت انترناشونال عن تحديات الدولرة الشاملة

مع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار تغزو الدولرة مختلف القطاعات في لبنان ولعل اخرها وليس اخراً دولرة الاسعار في السوبرماركت مع مطالبة اصحاب محطات المحروقات بدولرة اسعار المحروقات.

فهل لبنان يتجه الى الدولرة الشاملة؟ وماذا يعني هذا وما هي تداعياته؟ وهل سيتحمله المواطنون سيما الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية؟

في هذا الاطار، اكد الخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري في حديث لصوت بيروت انترناشونال انه لا يمكن للدولة ان تكون سيدة على اراضيها و مواردها وسياساتها من دون ان يكون لديها عملة وطنية سائدة على كل اراضيها موضحاً بان الدول التي تنحى باتجاه الدولرة هي دول تخرج عن الوظائف الاساسية لممارسة السلطة بكل معنى الكلمة مشيراً اننا شهدنا ظواهر دولرة واسعة باقتصادات اميركا اللاتينية والوسطى في مراحل معينة وهذا يدل على عدم قدرة السياسات على حماية العملة بصفتها احد اوجه السيادة الوطنية.

اما بالنسبة للبنان، رأى الخوري ان النزوع الى الدولرة هو ناتج عن مسار طويل انفجر بشكل اعنف عام ٢٠١٩ بمنحى تضخمي تحرك من خلال سعر صرف الدولار وخسارة الموارد المصرفية و اضطرار الدولة بعد انهيار وارداتها للذهاب لطباعة العملة من خلال مصرف لبنان ان لتغطية العجز في موازنتها و ان لاستكمال سياسة تذويب الودائع من خلال دفعها بالليرة اللبنانية اضافةً الى ارتفاع الاجور في القطاع العام و زيادة التضخم بنسبة ١٧٠٠٪؜ خلال ثلاث سنوات و هو ما يعني الحاجة الى طباعة مكثفة لليرة اللبنانية في ظل غياب النمو الاقتصادي حيث انخفض حجم الاقتصاد اللبناني بحدود الثلثين فضلاً عن غياب الواردات الحكومية.

واذ لفت الخوري الى ان مسار الدولرة بدأ تدريجياً منذ ثلاث سنوات لأنه لم يبن على سياسات دولة قوية قال فلتذهب الدولة الى نوع التسعير الذي تريده لكن يجب ان يكون ذلك جزءً من خطة عامة والتي بسبب غيابها ذهبنا الى دولرة الامر الواقع في السنوات الثلاث الماضية و حالياً دخلنا في تشريع الدولرة الذي بدأ مع منصة صيرفة حيث بدأ التسعير عبرها للخدمات العامة كالاتصالات والكهرباء وتحصيل الضرائب بنفس العملة معتبراً انه كان هناك اتجاه عام من قبل الدولة لشرعنة الدولرة قبل القطاع الخاص والان استكملت بدولرة اوسع قطاع استهلاكي في البلد وهو السوبرماركت.

واعتبر الخوري ان دولرة الاسعار تؤدي الى تثبيت المزيد من اللاتوازن بين العرض والطلب لان معظم الاجور في لبنان ما زالت بالليرة اللبنانية سيما القطاع العام الذي هو قطاع ضخم اضافةً الى ان القطاع الخاص اما يدفع جزئياً بالدولار واما يدفع بالليرة اللبنانية معتبراً ان هذا الامر يدفع الى حقد اجتماعي وهذا قد يؤدي الى ان يبحث الموظف عن مداخيل من خلال السمسرة والرشوة والمزيد من الفساد من اجل تعويم راتبه كي يعادل مستوى الاسعار في البلد التي تفاقمت مع التسعير بالدولار.

ورأى الخوري ان الحل بتعويم كل شيئ وعندها لن نكون بحاجة للدولرة ومع الوقت يتحسن سعر صرف الليرة ويصبح هناك قدرة لتعويم الاجور بما يتناسب مع مستوى الاسعار.

ووفق الخوري هناك خطورة كبرى في الاتجاه نحو الدولرة الشاملة حيث يفقد لبنان كل السيطرة.

على نظام النقد في البلد و مع الوقت ينتهي دور السلطة المركزية و تنتهي قدرة وزارة المال على الاقتراض و تنتهي قدرة مصرف لبنان بالسيطرة على السوق.

الخوري للبنان ٢٤: لبنان على سكة الدولرة بقوة الامر الواقع

شئنا أم أبينا، يدور لبنان ومعه القطاعات كافة والمواطنون في فلك العملة الخضراء التي تتأرجح أصلاُ على صفيح السوق الموازية الساخن. وعلى الرغم من عدم تسمية الأمور بأسمائها، إلا أن واقع “الدولرة” لا مفرّ منه، بعد بدء السوبرماركت تسعير سلعها بالدولار الأميركي بقرار رسمي، في حين سبقتها المؤسسات السياحية في الصيف المنصرم إلى هذه الخطوة. فأين المواطن من هذه القرارات؟

قب أسود كبير
وتعقيباً على القرار التي باشرت السوبرماركت بتطبيقه، أشار الخبير الاقتصادي البروفسور بيار الخوري إلى أن لا معيار محدداً سيلتزم به التجار لناحية تسعير السلع بالعملة الخضراء، لافتاً إلى أن الدولة لا تملك بدورها معايير للتسعير.
وفي هذا الإطار، أوضح الخوري في حديث لـ”لبنان 24″ أنه منذ سنوات كثيرة ماضية، تمّ اعتماد معيار عام قضى بأن هامش الربح التجاري لا يجب أن يتجاوز الـ20%، وبالرغم من عدم العمل به، عادت وزارة الإقتصاد والتجارة وذكّرت بمفاعيله منذ بضعة سنوات.
واعتبر أنه “في ظلّ تفلّت كل نظام الأسعار في البلد، لا معيار للتسعير سوى معيار العرض والطلب كما يقرّره أصحاب مراكز البيع”، متحدثاً عن “ثقب أسود كبير بالنسبة لوجود توازن معيّن لكلّ سوق محدد، ومن ضمن نوع البضائع هناك توازنات أخرى فضلاً عن نوعية المنتج وغيرها من التفاصيل”.
وتابع الخوري: “إذا كان لا بدّ من تحديد معايير، فيجب إنشاء هيئة تابعة لوزراة الإقتصاد والتجارة، مهمتها الأساسية تحديد معيار التسعير، وهو الأمر غير الموجود في لبنان“.
وقال: “عسى لو يتمّ التسعير من خلال تقسيم الأسعار على 1500 وضربها بسعر السوق السوداء. لأنه بسبب الأزمة الدولية، سلع كثيرة ازداد سعرها من المصدر، إلا أن بعض الأسعار التي لا تزال على السعر القديم وحتى أقلّ، هي تلك التي تحتوي على قيمة مضافة مرتفعة من العمالة الداخلية”.

وشدد على أن الفكرة الأساسية اليوم هي أنه” بات بمقدور أصحاب السوبرماركت أن يقرروا بأنفسهم كيفية التسعير بالتحالف مع لشركات المستوردة، بمعزل عن الدولة وعن جمعية المستهلكين، وبالتالي بات تحديد العلاقة بين الطلب والسعر يقع على عاتقهم فقط، الأمر المتعارف عليه أساساً لدى اقتصادات المنافسة الإحتكارية”.

فقر متعدد الأبعاد
واعتبر الخوري أن خطوة التسعير بالدولار الأميركي في السوبرماركت “لا تصبّ في مصلحة المواطن، مشدداً على أن السوق الشفاف القائم على معايير عامة وواضحة تنطبق على الأسواق كافة هو ما يفيده بشكل فعليّ”.

وقال: “لا يمكن تطبيق الدولرة على أسواق محددة وأخرى لا يطبّق عليها هذا الأمر”، مشيراً إلى أن الأجور والفوائد والرسوم والضرائب والإيجارات هي ألغاز حقيقية في السوق وإذا لم ينسحب هذا الأمر عليها، يمكن اعتبار أن كل دولرة لا تصب في مصلحة المواطن لا تصب في مصلحة واردات الدولة”.
وعن المواطنين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، لفت الخوري إلى أنهم مكشوفين على الأزمة منذ بدايتها ولا يزالون، بالرغم من الزيادات على الأجور بالليرة.
وكشف أن لبنان يعاني اليوم “من فقر متعدد الأبعاد، إلا أن الناس تستطيع نسبياً حلّ البعد المادي المباشر الذي يتعلّق بميزانية العائلات الشهرية، سواء من خلال مساعدات الأقارب في الخارج، والأعمال غير الشرعية وسواها من الطرق”، معتبراً أن مشكلة الأجور هي من أصعب المشاكل اليوم.

وعن التصريح الضريبي، أكّد الخوري أن التجار لن يصرّحوا بالدولار الأميركي ولن يدفعوا بهذه العملة أيضاً لأن قرار وزير الإقتصاد  قضى بأن يتقاضوا مستحقاتهم بالليرة اللبنانية على الرغم من أنهم سيسعّرون الرفوف بالدولار وبالليرة، إلا أنهم سيصّرحون بالعملة الوطنية كي تحسب الضريبة كما ولو بيعت البضائع على الـ15 ألفاً مهما كانت الكلفة الحقيقية”.

دولرة “بقوّة الأمر الواقع”
إلى ذلك، جزم الخوري أنه في حال نجحت خطوة تسعير البضائع في السوبرماركت بالدولار، فسينسحب هذا الأمر على سائر القطاعات باستثناء الأجور والأمور المتعلقة بالخدمات والرسوم الحكومية والفوائد المصرفية التي تقبض وتسجّل على الحسابات بالليرة.
من هنا، أشار إلى أن التسعير بالدولار قد لا يستدعي قرارات رسمية، بل قد تتمّ الأمور بقوّة الأمر الواقع تماماً كما حصل في بعض محطات المحروقات، كما لم يستبعد أن يصل الأمر إلى القطاع الدوائي.

وختم الخوري حديثه قائلاً إن لا إيجابيات لهكذا قرارات من دون تعويم النظام السعري في لبنان ليس من خلال الدولرة، بل عبر توحيد وتحرير سعر الصرف ما يؤدي إلى توازن الأسواق وعودة القيمة إلى الليرة اللبنانية.

وفي هذا الإطار، أكّد أنه “لا يتمّ العمل على تعويم النظام السعري بسبب قصّ الودائع والتهرب من تعديل الأجور في القطاع الخاص تحديداً، مشدداً على أن كل القرارت المتخذة في هذه الأحوال هي مجتزأة وبالتالي سلبياتها أكثر من إيجابياتها”.

إذاً، لبنان أمام مفترق طرق: التوجه نحو الدولرة الكاملة وإن “بشكل مستتر” مع الأخذ بعين الاعتبار أجور المواطنين، وإمّا العمل بشكل حتميّ على النهوض من التضّخم الذي تفجّر مع انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي والطباعة المستمرة للعملة الوطنية، فضلاً عن  إعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي بات أصلاً في مرحلة الموت السريري!