الخوري لـ”لبنان 24″: الاستثمار الكبير في سوريا بعد رفع العقوبات يحتاج إلى شركات تدعمها مؤسسات كبرى وهذا لا يتوفر لللبنانيين

لم يوفّر اللبناني يوماً باباً للإستثمار والتجارة الصحيحة كلّما سنحت له الفرصة، واليوم سوريا فتحت له هذا الباب. فمع رفع العقوبات الأميركية عنها، عادت سوريا للرابط التاريخي الذي يجمعها بلبنان، هي التي لطالما كانت بوابة للبضائع اللبنانية إلى الأسواق العربية، وسوقاً استهلاكية مهمة للمنتجات والخدمات اللبنانية. ومع هذا الواقع الجديد، يبقى سؤال كبير بشأن الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تقتنصها الشركات اللبنانية لدى “الجارة”.

ليس التاريخ والجغرافيا المتداخلان هما فقط ما يجمع لبنان وسوريا. فمع الإعلان عن رفع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي العقوبات عن سوريا،  لا بد من أن شهية اللبنانيين ستكون مفتوحة،  لأن سوريا تمثل للبنان سوقًا طبيعية شبه مغلقة منذ عقود طويلة.

هنا، لا بد من الإشارة إلى أن القطاعات الأكثر جذبًا ستكون التجارة، التجزئة، المطاعم، البناء، اللوجستيات، والصناعات الخفيفة، فضلاً عن الاهتمام المتزايد بالطاقة المتجددة والاتصالات والتكنولوجيا، لأنها قطاعات ذات ربحية عالية وآفاق توسع كبيرة.

وللمزيد من التعمّق بهذا الشأن، حملنا بعض الأسئلة إلى الخبير الإقتصادي البروفسور بيار الخوري، الذي شدد على أن الطريق مليء بالتحديات.

وفي حديث لـ”لبنان 24″، أوضح الخوري أن أول هذه التحديات، غموض آليات رفع العقوبات وكيفية تدرجها. فهناك الآن تعليق لمفاعيل قانون قيصر لتسعين يوماً وعلى المستثمرين مراقبة ما سيحصل فعلياً على طريق الرفع الكامل للعقوبات.

كما أنه وفق الخوري، هناك غياب الثقة بالبيئة القانونية السورية. فصحيح أن الحكومة قد تقدم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية أو العقارية، لكن المستثمر يريد ضمانات واضحة: قوانين حماية المستثمر الأجنبي، وضمانات ضد المصادرة أو تغيير العقود، وآليات تحكيم موثوقة في حال النزاعات. دون ذلك، تبقى الالتزامات الرسمية مجرد وعود غير مضمونة التنفيذ.

من الناحية اللوجستية، يتطلب إطلاق الاستثمارات تجهيز سلسلة إمدادات قوية، تضمن نقل المواد بين لبنان وسوريا بفعالية، وتضمن وصول البضائع والخدمات للأسواق السورية بسرعة.

كما تحتاج الشركات إلى فرق بشرية على الأرض تجمع بين خبرة السوق المحلي والقدرة على التعامل مع التحديات الإدارية والقانونية، ومن الضروري أيضًا الاستثمار في التدريب وتهيئة الموظفين للتعامل مع بيئة عمل ما زالت تعاني من تبعات الحرب، حيث الكفاءات البشرية المدربة محدودة نسبيًا.

وعن دور القطاع المصرفي اللبناني، فهنا ندخل منطقة رمادية، وفق الخوري. فالبنوك اللبنانية تقليديًا كانت تلعب دورًا أساسيًا في تمويل الاستثمارات، لكنها اليوم تواجه أزمة رسملة خانقة، مع ضعف كبير في السيولة ورأسمالها، وانخفاض قدرتها على تقديم تسهيلات أو قروض بالاضافة لكون التجار السوريين لديهم اموال محتجزة في القطاع وهذا ما قد يمنع احتمال العودة الى سوريا من دون حل مشكلة الودائع.

وقال الخوري: “هذا يعني أن الشركات اللبنانية ستضطر للبحث عن مصادر تمويل بديلة، سواء عبر شراكات مع مستثمرين سوريين، أو عبر صناديق خاصة، أو حتى عبر التمويل الذاتي، ما يجعل حجم الاستثمارات محدودًا مقارنة بما كان ممكنًا قبل الأزمة”.

إلى جانب هذه التحديات، لا يمكن إغفال المخاطر السياسية والاقتصادية: أي اضطراب أمني جديد، أو بطئ آلية رفع العقوبات، أو حتى تبدل في سياسات الحكومة السورية نفسها، يمكن أن ينسف أي مشروع في لحظة. لذلك، على الشركات اللبنانية التفكير باستراتيجيات لتوزيع المخاطر، كالدخول في شراكات محلية، أو تقسيم الاستثمارات على مراحل بدل الدخول دفعة واحدة.

واعتبر الخوري أنه إذا نجحت الشركات اللبنانية في تخطي هذه العقبات، فقد تحقق فائدة مزدوجة: أولًا فتح أسواق جديدة للبنان في وقت يعاني فيه اقتصاده من الانكماش، وثانيًا المساهمة في إعادة إعمار سوريا واستقرارها الاقتصادي.

إلا أنه على المدى الطويل، يتطلب الأمر صبرًا، رؤية واضحة، واستعدادًا للتعامل مع بيئة غير مستقرة حيث السياسة والاقتصاد يتداخلان بشكل لا يمكن فصله.
وأشار الخوري إلى أن “هذه ليست مغامرة للباحثين عن ربح سريع، بل للذين يمتلكون رؤية طويلة الاجل وخططًا مدروسة بين فهم السياسة والعلاقات مع القوى الاقتصادية والسياسية الجدد في سوريا”.

إذاً، يحتاج الاستثمار الكبير في سوريا إلى شركات تدعمها مؤسسات مالية اقليمية ودولية كبرى وهذا لا يتوفر لللبنانيين، الذين سيكونون على الأرجح جزءاً من شراكات قطاع الخدمات والضيافة بشكل أساسي.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا

الخوري لـ”الإقتصاد اللبناني”: الحكومة لا تلجأ إلى مصرف لبنان لتغطية العجز عبر إصدار نقدي جديد بل هي تصرف من حساباتها الموجودة بالليرة

أظهرت ميزانية مصرف لبنان أن حجم النقد المتداول خارج المركزي بلغ نحو 77.8 ترليون ليرة في منتصف أيار مقابل 65.5 ترليون ليرة في نهاية كانون أول 2024، بزيادة مقدارها 12.2 ترليون ليرة منذ بداية العام الحالي اي ما يوازي 136.5 مليون دولار.

واذ يطرح هذا الارتفاع العديد من الأسئلة يجيب عليها موقعنا Leb Economy عبر حديث مع الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري يُنشر على حلقتين: الحلقة الأولى تتناول اسباب هذا الإرتفاع، اما الحلقة الثانية فتتحدث عن مستقبل سعر الصرف في ظله.

قال الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث لموقعنا Leb Economy “إذا أردنا الغوص بعمق في تحليل الوضع النقدي الحالي في لبنان فإن نقطة البداية الحقيقية لا تكون فقط بالأرقام الخام للكتلة النقدية بل بفهم السياق الذي ينتج هذه الأرقام. فإن كان صحيحاً أن حجم النقد المتداول ارتفع من 65.6 إلى 77.8 تريليون ليرة خلال فترة قصيرة (أي بنسبة تقارب 18.6%)، الخطأ الجوهري الذي يقع فيه كثير من المحللين هو التعامل مع هذه الزيادة وكأنها ناتجة فقط عن “طباعة جنونية” أو تمويل مباشر لعجز الدولة، بينما الواقع اللبناني أكثر تعقيدًا وتشابكًا”.

واشار الخوري إلى أن “مصرف لبنان لا يمول الحكومة حاليًا كما كان يفعل في السابق وهذا فرق جوهري”، لافتاً إلى أن “الحكومة اليوم لا تلجأ إلى مصرف لبنان لتغطية العجز عبر إصدار نقدي جديد بل هي تصرف من حساباتها الموجودة بالليرة لدى المصرف المركزي، وهذه الحسابات مصدرها تحصيلات الدولة السابقة والتي تراجعت نتيجة الأضرار الواسعة التي أصابت مناطق عديدة في لبنان، سواء بسبب الأزمة الاقتصادية الممتدة أو بسبب الأحداث الأمنية والاضطرابات”.

ووفقاً للخوري “حين تصرف الحكومة من هذه الحسابات فهي تضخ عمليًا ليرات إضافية في السوق، لكن هذه ليست أموالًا جديدة مولدة من العدم بل هي تحويل لأموال “راكدة” من دفاتر مصرف لبنان إلى جيوب المتعاملين في الاقتصاد”. لكن هنا تأتي الحلقة الثانية المعقدة، حيث ان مصرف لبنان وسّع في الآونة الأخيرة برامج وتقنيات مرتبطة بتقسيط ودائع المودعين خصوصًا عبر التعاميم التي تسمح بتسييل بعض الودائع الدولارية بالدولار الطازج (fresh dollars) وحين يحصل المودعون على هذه الدولارات يقوم كثير منهم ببيعها في السوق مقابل الليرة لتغطية احتياجاتهم اليومية ما يولّد طلبًا حقيقيًا ومتجددًا على الليرة، وهنا يدخل المصرف المركزي في عملية إعادة شراء هذه الدولارات من السوق وضخ المزيد من الليرات الموازية لضبط التوازن المالي. ما يجعلنا امام تدفق مزدوج: من جهة الحكومة تسحب من حساباتها بالليرة ومن جهة أخرى، المودعون يضخون fresh dollars يجري تدويرها في السوق، وكل ذلك يولد طلبًا وليرات إضافية”.

للاطلاع على المقال كاملا:  اضغط هنا 

الخوري لـ”+963″: مشاركة سوريا في جمعية الصحة العالمية فرصة حقيقية لإعادة ربط النظام الصحي السوري بمنظومته الدولية

يقول الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا، الدكتور بيار الخوري لـ “963+”، إن الهدف الرئيسي لمشاركة سوريا في الاجتماع هو حشد دعم أكبر لإعادة هيكلة القطاع الصحي، لا سيما في المحافظات المتضررة من النزاع مثل حلب ودير الزور وحمص.

كما تسعى إلى تحسين الوصول للأدوية والمعدات من خلال آليات دولية أكثر مرونة، وفتح قنوات جديدة للتعاون مع دول لم تكن داعمة في السابق، والاستفادة من التحول التدريجي في بعض المواقف الدولية تجاه مسار التعافي المبكر دون ربطه بالحل السياسي الشامل.
وفيما يتعلق بتحويل قرارات الجمعية إلى أثر عملي داخل سوريا، يوضح الخوري أن الأمر يعتمد على عدة عوامل، أهمها قدرة الحكومة على تقديم خطط تقنية مقنعة وقابلة للتنفيذ، وضمان الشفافية النسبية في تخصيص الموارد، والتعاون مع شركاء أمميين ومؤسسات مانحة مثل “غافي” للقاحات، والصندوق العالمي، والصليب الأحمر.

ويمكن للجمعية أيضاً، بحسب الخوري، أن تفتح الباب أمام اتفاقيات ثنائية لدعم مشاريع صحية محددة، مثل ترميم المستشفيات الأساسية أو تدريب الكوادر الصحية في المناطق الريفية.

ويشير إلى أن هناك نماذج يمكن لسوريا الاستفادة منها، كتجربتي سيراليون وليبيريا بعد تفشي الإيبولا، حيث تم توظيف تمويل دولي ضخم لتعزيز سلاسل الإمداد، وإنشاء وحدات استجابة للطوارئ، وتطوير نظام الترصد الوبائي المجتمعي.

ويضاف إلى ذلك تجربة العراق في إعادة بناء المستشفيات في الموصل، عبر شراكات بين وزارة الصحة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، توفر دروساً مهمة في التنسيق والتوزيع العادل.
ويشدد على أن تحقيق التكامل بين المساعدات الدولية والجهود المحلية يتطلب وجود آلية مستقلة نسبياً للإشراف المشترك على التنفيذ، مع إشراك المجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني في المراقبة والتقييم، وتوفير بيانات دقيقة ومحدثة.

ويختتم الخوري حديثه بالتأكيد على أن مشاركة سوريا في جمعية الصحة العالمية ليست مجرد حدث ديبلوماسي، بل تمثل فرصة حقيقية لإعادة ربط النظام الصحي السوري بمنظومته الدولية، بشرط أن تترافق هذه المشاركة مع إرادة صادقة لتجاوز الخطابات الشكلية والعمل على إصلاح فعلي يضع صحة المواطن في المقدمة.

للاطلاع على المقال كاملا:  اضغط هنا