الخوري لـ” الاقتصاد اللبناني”: ارتفاع النقد المتداول لا يعكس بالضرورة خطراً تضخمياً مباشراً بل يرتبط بعوامل موضوعية متشابكة”

قال الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث لموقعنا” Leb Economy أظهرت ميزانية مصرف لبنان أن حجم النقد المتداول خارج المصرف ارتفع من 65.6 تريليون ليرة في نهاية 2024 إلى 86.8 تريليون ليرة في آذار 2025، أي بزيادة تقارب الـ 20 تريليون ليرة خلال ثلاثة أشهر فقط ورغم أن هذا الرقم يبدو ضخماً من حيث الكم إلا أن تحليله في سياق التطورات السياسية والاقتصادية الأخيرة يُظهر أنه لا يعكس بالضرورة خطراً تضخمياً مباشراً بل يرتبط بعوامل موضوعية متشابكة”.

ورداً على سؤال حول أسباب هذه الزيادة، اشار الخوري إلى انه “خلال هذه الفترة شهد لبنان تحولاً في المزاج العام بعد انتهاء حرب الخريف وبدء تطبيق تفاهمات القرار 1701 ما ساهم في تراجع التوتر وعودة نسبية للثقة في الاستقرار”، معتبراً أن هذا الانفراج وإن كان هشاً انعكس على بعض النشاطات الاقتصادية والمبادرات المحلية ما زاد الطلب على السيولة بالليرة خاصة في القطاعات التي تعتمد على الدفع النقدي، كذلك دفعت الحكومة وبعض الهيئات المانحة باتجاه إنفاق اجتماعي طارئ بهدف التخفيف من آثار الحرب “الأمر الذي حرّك الأسواق وأدى إلى ضخ إضافي للسيولة في الاقتصاد”.

من جهة أخرى، قال الخوري “لا تزال القيود المفروضة على السحوبات المصرفية تدفع المواطنين إلى تفضيل التعامل النقدي ما يزيد من حجم النقد المتداول خارج النظام المصرفي ولعلّ أحد العوامل المحورية في هذا السياق هو قيام حزب الله بدفع تعويضات للمتضررين من الحرب بالدولار الأميركي مما رفع عرض الدولار في السوق، لافتاً الى أن هذا الفائض في العملة الصعبة سمح لمصرف لبنان بالتدخل وشراء الدولار مقابل ضخ الليرة ما يُفسّر جانباً مهماً من التوسّع النقدي الحاصل دون أن يُشكل ضغطاً على احتياطاته من العملات الأجنبية بل على العكس سُجل تحسّناً طفيفاً فيها خلال نفس الفترة”.

وحول تأثير هذه الزيادة، استبعد الخوري اعتبار هذه الزيادة في الكتلة النقدية سلبية بشكل مطلق إذ إنها جاءت نتيجة حركية نقدية حقيقية وليست مجرد طباعة عشوائية للأموال، مؤكداً أن “ما يبقى مهماً هو مراقبة تطورات سعر الصرف وسلوك الأسعار في الأسواق للتأكد من أن هذه الزيادة لن تتحوّل إلى عامل تضخمي في المدى المتوسط خاصة إذا لم تُواكب بنمو إنتاجي أو بإصلاحات هيكلية تعزز الثقة بالنظام النقدي”.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري لـ” الديار”: تأثير قرارات ترامب لا يقتصر على الدول الكبرى بل يطال دولاً صغيرة واقتصادات هشة مثل لبنان

يقول الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث للديار:

فرضت الولايات المتحدة مؤخراً رسوماً جمركية جديدة على مختلف السلع المستوردة، ضمن سياسة تُعيد التركيز على التصنيع المحلي وتحد من الاعتماد على الخارج ، مشيراً أن هذه الخطوة أثارت ردود فعل واسعة، سواء على المستوى الدولي أو في دول تعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية، مثل لبنان.

وأضاف : عالمياً، حذرت منظمة التجارة العالمية من أن الرسوم الجمركية الأميركية قد تؤدي إلى انكماش بنسبة 1% في حجم التجارة العالمية للسلع خلال عام 2025، وهو ما يُعد مؤشراً خطيراً على مستقبل التبادل التجاري الدولي، لا سيما في ظل اقتصاد عالمي يعاني أصلاً من تباطؤ في النمو، كذلك، وصفت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا هذه الإجراءات بأنها تمثل “خطراً كبيراً” على الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن التصعيد في الحروب التجارية قد يؤدي إلى تفكك سلاسل الإمداد وارتفاع كبير في الأسعار.

ويرى الخوري أن تأثير هذه السياسات لا يقتصر على الدول الكبرى فقط، بل يطال دولاً صغيرة واقتصادات هشة مثل لبنان. فالاقتصاد اللبناني يعتمد بشكل كبير على الاستيراد، بما في ذلك استيراد السيارات والمواد الأساسية، وارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية سيؤدي إلى زيادة كلفة هذه المنتجات، سواء بشكل مباشر أو من خلال انتقال العدوى التضخمية إلى شركاء لبنان التجاريين، لافتاً إلى أن الخبراء يرون أن ارتفاع أسعار السلع العالمية بفعل القيود الأميركية سينعكس على الأسواق اللبنانية، التي تعاني أصلاً من تراجع في القدرة الشرائية وضعف في العملة الوطنية.

ووفقاً للخوري بالرغم من أن حجم التبادل التجاري بين لبنان والولايات المتحدة ليس ضخماً مقارنةً بدول أخرى، إلا أن الرسوم الجديدة قد تؤثر على بعض الصادرات اللبنانية إلى السوق الأميركية، فتفقد تنافسيتها،”والأخطر من ذلك هو أن هذه السياسات تعزز اتجاه الانغلاق التجاري، وهو ما يُهدد بنية الاقتصاد العالمي الليبرالي التي كان لبنان يستفيد منها نسبياً”.

في ظل هذا الواقع، يشدد الخوري على ضرورة أن تتجه الدولة اللبنانية إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع الشراكات التجارية مع أسواق بديلة، كدول شرق آسيا أو إفريقيا، للحد من تأثير السياسات الحمائية الأميركية على الاقتصاد المحلي، وضمان قدر من الاستقرار في بيئة عالمية باتت أكثر اضطراباً وتقلباً.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

التصعيد الصيني قرب تايوان: رسائل بالنار لا حرباً عالمية

دخلت العلاقة بين الصين وتايوان منعطفاً جديداً من التصعيد، إذ أطلقت بكين أمس الأربعاء، مناورات في مضيق تايوان، وذلك غداة تدريبات حربية للقوات المسلحة الصينية، تحاكي فرض حصار على الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.

وفيما عبّرت تايبيه وواشنطن عن انزعاجهما من المناورات الصينية، يزور وزير الخارجية الصيني موسكو، لإجراء لقاءات يمكن إدراجها في خانة تصعيد بكين التي تحاول حشد الدعم من أجل تحقيق أهدافها المعلنة بعدم السماح باستقلال تايوان مهما كلف الأمر.
وحشد الجيش الصيني، أمس، قواته المختلفة في منطقة محيطة بتايوان، موجهاً بالذخيرة الحية، رسائل في أكثر من اتجاه، ومنفّذاً محاكاة تتضمن محاصرة الجزيرة، واستهداف بالنار لأهداف على حدودها الشرقية، في ظل تحذيرات جديدة من بكين، وتأكيد بأن أي تحرك نحو استقلال تايوان سيؤدي إلى اندلاع “حرب حتمية”، مشددة على أن مصير مثل هذه المحاولات سيكون “الفشل”.

وأكد المتحدث باسم القيادة الشرقية للجيش الصيني أن التدريبات -التي تحمل اسم “رعد المضيق 2025-إيه”- تستهدف اختبار قدرات الجيش على السيطرة الإقليمية، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات حصار ومراقبة مشتركة، وتوجيه ضربات دقيقة ضد أهداف حيوية مثل الموانئ ومنشآت الطاقة.

وأثار الحراك الصيني، غضب التايوانيين والأميركيين، وفي السياق وصف الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي، الصين بأنها “قوة خارجية عدائية” متهماً بكين بتكثيف أنشطتها الاستخباراتية ضد الجزيرة. فيما حذّرت الولايات المتّحدة الثلاثاء، من أنّ الصين “تُعرّض للخطر” الأمن الإقليمي بإجرائها تدريبات عسكرية في مضيق تايوان.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنّ الأنشطة العسكرية “العدوانية” التي تقوم بها الصين وخطابها تجاه تايوان “لا يؤدّيان إلا إلى تفاقم التوترات وتعريض أمن المنطقة وازدهار العالم للخطر”.

كما دعا البيت الأبيض، إلى “الحفاظ على السلام” عقب المناورات الصينية، مؤكداً أن واشنطن تعارض أي “محاولات أحادية الجانب” لتغيير وضع الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في مؤتمر صحافي إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، “يؤكد أهمية الحفاظ على السلام في مضيق تايوان”، وقالت إن “الولايات المتحدة تعارض أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن بالقوة أو بالإكراه”.

في هذا السياق يعلق رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية د. هيثم مزاحم لمجلة شؤون آسيوية، عما اذا كانت ستسمح الصين باستقلال تايوان، قائلا: “إن الصين لن تسمح باستقلال تايوان عن جمهورية الصين الشعبية، باعتبار أن تايوان جزء من الصين وباستثناء عشر دول فجميع دول العالم لا تعترف بتايوان واعتبرها جزءا من الصين.” ويضيف:” تايوان هي جزء أساسي من الصين تاريخيا وقانونيا ضمن مبدأ الصين الواحدة، حتى الولايات المتحدة التي تدعم تايوان وقعت تفاهمات مع الصين وأصدرتا بيانات مشتركة تؤكد على مبدأ الصين الواحدة وأن تايوان هي جزء من الصين ولكن في المقابل تلتزم الصين بعدم استعادة تايوان بالقوة .. لكن الآن الولايات المتحدة تحاول خرق هذا المبدأ، هذا ما يغضب الصينيين ويقومون بمناورات عسكرية في محاولة رد على أي محاولة لفصل تايوان عن الصين وهو خط أحمر بالنسبة للصين.”

ويكمل قائلا:” الصين قد تلجأ الى الحرب في حال أعلنت تايوان عن استقلالها وقد تفرض عليها حصارا كبيرا. هذه التصريحات لا تشير الى حرب مقبلة، هي مجرد استفزازات تايوانية -أميركية للحصول على تنازلات من الصين. خلال المناورات ترسل بكين رسالة نارية أنها لن تقبل بانتهاك لمبدأ الصين الواحدة، لكن أستبعد أي حرب في المدى القريب ..الصين تريد من روسيا أن تدعم موقفها بشأن تايوان كما دعمت الصين موقف روسيا بشأن أوكرانيا، هناك محاولة تأكيد على التحالف بين الصين وروسيا، خشية أن تحاول أميركا في حال عادت العلاقات مع روسيا أن تستفرد بالصين من خلال تحسين العلاقات مع روسيا وتركيز الولايات المتحدة على احتواء الصين..”

أما عن طبيعة العلاقات الصينية-الأمريكية فقد أشار عميد كلية ادارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار خوري الى أن الوضع الراهن يشهد تطورا مقلقا، نظرًا للتأثير المُشترك للمناورات الجيوسياسية والمخاوف الأمنية والاقتصادية المُتشابكة. ويُظهر الوضع الراهن تقدمًا مُتزايدًا نحو مفهوم غراهام أليسون “فخ ثوسيديدس”، الذي يُنبئ بصراع بين دولة صاعدة وقوة راسخة. أجرت الصين تدريبات عسكرية ضخمة حول تايوان كرد فعل مُباشر على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايبيه في أغسطس 2022، واعادت هذا النوع من المناورة بالأمس مع تزايد الخطاب العنيف للرئيس ترامب في الشؤون التجارية وبداية تطبيق التعرفات غير المتوافقة مع حرية التجارة، كما التهديدات العسكرية في صراعات الشرق الاوسط.

تُمثل المناورات العسكرية الصينية عنصرًا استراتيجيًا في خطتها الأوسع لتعزيز موقفها تجاه تايوان، وإشارة تواصلية للجمهور المحلي والعالمي. ويشير تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) إلى أن التدريبات العسكرية تُمثل استخدامًا مُتزايدًا لمناورات “ضغط ذوي الياقات الرمادية” المُصممة لعزل تايوان سياسيًا وعسكريًا دون اللجوء إلى الحرب. وتُحقق زيارة وزير الخارجية الصيني إلى موسكو أغراضًا رمزية واستراتيجية في ظل المشهد الجيوسياسي الحالي، حيث تسعى بكين إلى إقامة تحالف لمواجهة القوى الغربية. يكشف بحثٌ أجراه معهد تشاتام هاوس أن الصين وروسيا تحافظان على شراكة “محور تقاطع” تفتقر إلى عمق التحالف الاستراتيجي الكامل. ويعتمد التعاون بين هاتين القوتين العظميين على حسابات عملية تعتمد على أهداف مشتركة بدلاً من رؤى مستقبلية متقاربة.

وقد نشرت مجلة فورين افرز تحليلاً يُظهر أن روسيا لا تزال حذرة بشأن الوضع التايواني رغم علاقاتها الوثيقة مع الصين، لأن تركيزها الحالي على أوكرانيا يمنعها من التدخل المباشر. ويُظهر موقف موسكو نيتها استخدام التصعيد كوسيلة للضغط على الدول الغربية مع الحفاظ على توازنها الاستراتيجي مع بكين.

وتتمسك بكين بموقف حازم ضد استقلال تايوان، الذي تعتبره “خطاً أحمر” لا يمكن التفاوض عليه. ويكشف تقريرٌ صادرٌ عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن بكين تعتبر “إعادة التوحيد” عنصراً أساسياً في استراتيجيتها الوطنية، مما قد يؤدي إلى تدخل عسكري سريع في حال أعلنت تايوان استقلالها. ةتدعم الباحثة جينيفر ليند في كتابها “معضلة تايوان” فكرة أن الاستقرار في مضيق تايوان يعتمد على “توازن ردع دقيق” مدعوم بقرارات وحسابات ذات مستوى شديد التعقيد من بكين وواشنطن وتايبيه.

يمثل التوتر القائم بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان تضاربًا في الأجندات الوطنية والتغيرات في النظام الدولي. لكن من غير المرجح حاليًا نشوب حرب مباشرة بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان نظرًا للتكلفة الباهظة، ولكن الوضع قد يتفاقم عرضيًا نظرًا لغياب أنظمة فعالة لإدارة الأزمات. وستبقى روسيا طرفًا ثانوياً في هذا الصراع، بحيث يعطيها فرصة لتعزيز مكانتها الخاصة من دون أن يكون لها دور جوهري في تخفيف التوترات حول الجزيرة الصينية.

وفي مقال لدكتور القانون الدولي محي الدين الشحيمي يشير الى أن الصعود الصيني يمثل حرجاً وتهديداً كبيراً للولايات المتحدة الأميركية التي تكافح بإصرار من أجل تأطير وتجميل علاقتها المتدهورة بالصين هرباً من المعركة.

ويضيف أن الصين تحولت في أقلّ من سبعين عاماً من دولة معزولة إلى واحدة من أعظم القوى الدولية. تحدّت نفسها في العديد من المبارزات الداخلية.
وطرح إشكالية: “هل تقف الصين مع وحدة أوكرانيا ضدّ التمدّد الروسي، في سبيل الحفاظ على وحدتها مع الجزيرة المتمرّدة؟”.

في النهاية، يبقى مستقبل العلاقات بين الصين وتايوان غامضًا، ويتطلب الأمر سعيا من جميع الأطراف المعنية لتفادي التصعيد وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

المصدر: اضغط هنا