الخوري لـ” الاقتصاد اللبناني” : لجم الإنفاق المالي والاستثماري في لبنان كان أداة رئيسية لتحقيق استقرار سعر الصرف

كشفت وكالة “موديز” بأنّ لجم الإنفاق المالي والإستثماري في لبنان كان مفتاحًا لتحقيق استقرار سعر الصرف والأسعار، إلا أنه اضرّ بإمكانات النمو على المدى الطويل، الامر الذي يسلط الضوء على السياسات التي ستتبع في المرحلة المقبلة وامكانية تخلّيها عن لجم الإنفاق ومصير سعر الصرف في ضوء هذا التطور.

وفي هذا الإطار، اكد عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان د. بيار الخوري في حديث لموقعنا Leb Economy ان “لجم الإنفاق المالي والاستثماري في لبنان كان أداة رئيسية لتحقيق استقرار سعر الصرف والحد من التضخم في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. هذا النهج، الذي اعتمد على تقليص النفقات العامة وتخفيض الاستثمار في المشاريع طويلة الأجل، الهزيلة اصلاً، ساعد في تهدئة الأسواق ومنع انهيار أكبر للعملة المحلية. ومع ذلك، كان لهذا النهج آثار جانبية سلبية على الاقتصاد الكلي، حيث أضعف إمكانات النمو المستدام وقلص فرص العمل والإنتاجية.”

ووفقاً للخوري “في المرحلة المقبلة، من غير المتوقع أن يستمر لجم الإنفاق بهذه الصرامة على المدى الطويل دون إحداث تغييرات جوهرية في بنية الاقتصاد. فمع استقرار سعر الصرف النسبي، سيواجه صانعو القرار ضغطًا متزايدًا لإستئناف الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة لتحفيز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، فإن التخلي عن سياسة التقييد المالي يجب أن يتم بحذر، لأن زيادة الإنفاق بشكل غير مدروس قد تؤدي إلى ارتفاع الطلب المحلي على العملات الأجنبية، مما سيضع ضغطًا جديدًا على سعر الصرف ويعيد دوامة التضخم.”

واشار الخوري الى انه “في حال تم التخلي عن لجم الإنفاق دون توفير مصادر مستدامة للتمويل، مثل زيادة الإيرادات الضريبية أو تحسين كفاءة جمعها، فإن النتيجة ستكون كارثية. وستجد الحكومة نفسها مضطرة إلى اللجوء إلى طباعة المزيد من العملة لتمويل العجز، مما سيؤدي إلى تدهور قيمة الليرة اللبنانية وارتفاع حاد في الأسعار، الامر الذي سيخلق تضخماً مفرط يزيد من معاناة المواطنين ويضعف الاستقرار الاقتصادي”.

وقال الخوري: ” إذا تم التخلي عن سياسة التقييد بشكل تدريجي ومدروس، مع التركيز على تحسين الإيرادات وتعزيز القطاعات الإنتاجية، فمن الممكن تحقيق توازن بين الاستقرار النقدي وتحفيز النمو. هنا تكمن أهمية وجود خطة اقتصادية شاملة تعالج جذور الأزمة، مثل إصلاح النظام المصرفي، استعادة الثقة في المؤسسات، وضمان استدامة الدين العام”.

ورأى الخوري ان “استمرارية سياسة التقييد المالي تعتمد على مدى قدرة الحكومة على تبني سياسات بديلة فعالة، فالتخلي العشوائي عنها سيعيد البلاد إلى مربع الأزمة، بينما التخلي المدروس والمبني على إصلاحات هيكلية يمكن أن يكون مفتاحًا للنهوض الاقتصادي دون التضحية بإستقرار سعر الصرف”.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري للمجلة: مصير الاتفاقات اللبنانية السورية يتوقف على مدى جدية لبنان في ضبط حدوده، والتفاوض على مصالحه

العلاقات بين لبنان وسوريا كانت ولا تزال محكومة باتفاقات ثنائية وواقع جغرافي يجعل من سوريا شريانا حيويا للاقتصاد اللبناني، خصوصا في مجالي الترانزيت والتجارة.

سوريا فرضت مصالحها من موقع الأقوى!

ولا ينكر الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري أن “سوريا أفادت بشكل كبير من هذه الاتفاقات، سواء من خلال فرض رسوم على الشاحنات اللبنانية العابرة لأراضيها أو من خلال تدفق منتجاتها الزراعية والصناعية إلى السوق اللبنانية بأسعار تنافسية بسبب التهرب الجمركي الواسع”. في المقابل، عانى لبنان من خلل في الميزان التجاري مع سوريا، إضافة إلى التأثير السلبي على قطاعات إنتاجية محلية لم تستطع الصمود أمام السلع السورية المنخفضة التكلفة. وفي رأيه أن  “أبرز التأثيرات السلبية، كانت واضحة في قطاعي الزراعة والصناعة اللبنانية، حيث واجهت المنتجات المحلية منافسة شديدة نتيجة تدني الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات السورية”.

ووفق بيار الخوري، يمكن للبنان الانسحاب من هذه الاتفاقات، إذا تبين أنها تضر بمصالحه. ولكن الانسحاب من طرف واحد قد يواجه تعقيدات قانونية وسياسية، تعيد التوتر إلى العلاقات مع سوريا، لا سيما في ظل اعتماده الجغرافي على الأراضي السورية.

وفيما يجمع البعض أن من ضمن الاتفاقات “الخطيرة” بالنسبة للبنان، أو أقله المجحفة، هي اتفاقية نقل الأشخاص والبضائع وتلك المتعلقة بتوزيع مياه نهر العاصي. يوضح الخوري أن سوريا فرضت رسوما مرتفعة على شاحنات الترانزيت بما أثقل كاهل المصدرين اللبنانيين. وعلى الرغم من التحديات، يعتبر أنه لا يزال في إمكان لبنان إعادة التفاوض على هذه الاتفاقات لتأمين توازن أفضل يحمي مصالحه الاقتصادية، خصوصا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تجعل من إعادة صياغة العلاقات الاقتصادية ضرورة ملحة.

ويؤكد أن “انعدام التوازن بين البلدين وقدرة سوريا طوال هذه الأعوام على فرض مصالحها من موقع الأقوى،  جعل هذه الاتفاقات تخسر طابع الاستدامة. كما أن اختلاف الأنظمة الاقتصادية بين البلدين لعب في مصلحة النظام الأكثر ‘جبرية’ على حساب النظام الذي يتمتع بدرجة أقل من التخطيط المركزي”.

يتوقف مصير هذه الاتفاقات اليوم على مدى قدرة لبنان وجديته في ضبط حدوده، والتفاوض على مصالحه من جهة، وعلى مستقبل النظام الاقتصادي في سوريا من جهة أخرى. أما “معاهدة” التعاون والتنسيق فهي تحتاج إلى تصفية العناصر التي تعطي تفوقا، بغير وجه حق، لأي طرف على حساب الآخر.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري لـ “هنا لبنان” : لا يمكن إغفال المخاطر التضخمية التي قد ترافق إعادة الإعمار

يرى الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري في حديثه لـ “هنا لبنان” أنّ “إعادة الإعمار تخلق طلبًا هائلًا على البناء، مما يحرك القطاع العقاري ويزيد الطلب على المواد الإنشائية والخدمات العقارية، ما يساهم في تنشيط السوق العقارية وظهور فرص استثمارية جديدة في المناطق المتضررة والجوار. وبذلك، يشكل القطاع العقاري فرصة هامة لتشغيل اليد العاملة، إذ يعتمد بشكل كبير على العمالة المحلية. ستفتح عمليات إعادة الإعمار إذًا المجال لتوظيف الآلاف من العمال في مختلف التخصصات مثل البناء والهندسة والإدارة، مما يساهم في الحد من البطالة، خاصة في المناطق المتضررة”.

ويضيف: “مع ذلك، لا يمكن إغفال المخاطر التضخمية التي قد ترافق إعادة الإعمار إذا تم تنفيذها بسرعة كبيرة ودون تخطيط مدروس. زيادة الطلب على المواد الإنشائية والخدمات في فترة قصيرة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير، مما يزيد من تكاليف البناء ويضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد. كما أن تدفق الأموال بشكل مفاجئ دون رقابة كافية قد يعزز التضخم ويؤثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين، مما يتطلب سياسات نقدية ومالية متوازنة لتجنب هذه التداعيات”.

ويتوقع الخوري أن “تسهم عملية إعادة الإعمار في تحريك العجلة الاقتصادية، ليس فقط من خلال القطاع العقاري، بل أيضًا عبر القطاعات المرتبطة كالصناعة والخدمات. هذا التحفيز للإنفاق العام والخاص يعزز الدورة الاقتصادية ويسهم في تحسين مستويات النمو”.

ويقول: “لقد ساهم انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة في خلق أجواء من الاستقرار السياسي النسبي في البلاد، وهو ما أعاد الأمل في استعادة الثقة الإقليمية والدولية بلبنان. هذه التطورات شكلت عاملًا أساسيًا لجذب المانحين والمستثمرين، ما يعزز القدرة على تمويل عملية إعادة الإعمار. مع ذلك، يبقى التعاون مع المجتمع الدولي وإظهار جدية الإصلاحات أمرًا حاسمًا لإعادة تدفق الأموال المفقودة واستعادة موقع لبنان على الخارطة الاقتصادية الإقليمية والدولية”.

إلا أنّ هذه الجهود تواجه تحديات أساسية، أبرزها الحاجة إلى تأمين تمويل كافٍ. يعتمد نجاح عملية الإعمار على دعم المانحين والمؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي وصناديق الإعمار الإقليمية، مع ضمان الشفافية في استخدام الأموال المخصصة لهذه المشاريع وتعزيز الرقابة عليها. كما يجب تقديم حوافز للمستثمرين المحليين والدوليين لدخول السوق العقارية اللبنانية. بحسب ما يؤكده الخوري.

إلى جانب ذلك، يلفت الخوري الى أنّ “الدولة تحتاج إلى وضع سياسات تنظيمية واضحة لتوزيع الأراضي وتراخيص البناء وتقديم تسهيلات ضريبية للمطورين والمستثمرين. ولا يمكن إغفال أهمية التعليم والتدريب في هذا المجال، حيث يجب استحداث برامج تدريبية مهنية لرفع كفاءة اليد العاملة المحلية، مع إشراك الجامعات والمعاهد التقنية في إعداد جيل متخصص في الهندسة والبناء”.

ويتابع: “تعافي القطاع العقاري سيؤدي إلى تحسين مستويات النمو الاقتصادي وتعزيز ثقة المستثمرين في لبنان. كما أن إعادة الإعمار ستعطي دفعة للبنية التحتية، مما ينعكس إيجابيًا على القطاعات الأخرى كالزراعة والصناعة. ويمكن أن تساهم زيادة النشاط العقاري في استقرار العملة المحلية وتحفيز التدفقات المالية. إذا ما تم استغلال هذه الفرصة بشكل صحيح، فإنّ إعادة الإعمار لن تكون فقط وسيلة لتعويض الخسائر، بل نقطة انطلاق جديدة نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة”.

 

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا