الخوري لـ ” النهار” : إدراج لبنان في اللائحة الرمادية سيجعل من الصعب تأمين التمويل اللازم من المؤسسات الدولية

ماذا عن المخاطر المرتبطة بإدراج لبنان في “اللائحة الرمادية”؟ الأكاديمي والخبير الاقتصادي البروفسور بيار الخوري يشير إلى أن “المصارف والمؤسسات المالية حول العالم ستصبح أكثر حذرا في التعامل مع الأفراد والشركات اللبنانية، وسيؤدي ذلك إلى فرض تدابير إضافية من البنوك العالمية على أي تعاملات مالية مع لبنان، بما يصعّب الوصول إلى الأسواق المالية الدولية”.

وفي ظل الحرب مع إسرائيل والضغط الدولي المتزايد، يقول إن “الحكومة اللبنانية قد تجد نفسها في موقف أضعف عند التفاوض مع الجهات الدولية للحصول على مساعدات أو دعم مالي بات لبنان في أمسّ الحاجة إليها، مع استمرار الحرب ثم انتهائها. فلبنان سيحتاج إلى مساعدات دولية ضخمة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، لكن إدراجه في اللائحة الرمادية سيجعل من الصعب تأمين التمويل اللازم من المؤسسات الدولية أو الدول المانحة”.

أما الخطر الأكبر في رأي الخوري، فهو “التأثير على الشرعية السياسية، إذ إن إدراج لبنان في اللائحة الرمادية قد يعزز الانطباع السلبي عن النخب السياسية التي تتهم بعدم تنفيذ الإصلاحات الضرورية، وهو ما قد يؤدي في ظل ما يحصل اليوم إلى إضعاف موقف لبنان في المحافل (وهو موقع ضعيف أصلا) في هذا الظرف الحساس”.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري لـ”سبوتنيك”: اعتماد نظام دفع “بريكس” قد يضغط على الغرب لتخفيف العقوبات أو مراجعة سياساته المالية

اعتبر الأكاديمي والباحث اللبناني في مجال الاقتصاد والاقتصاد السياسي، الدكتور بيار الخوري، اليوم الخميس، أن نظام الدفع الموحد لـ “بريكس”، في حال نجاحه واعتماده من قبل دول المجموعة وغيرها، قد يشكل ضغطًا على الدول الغربية، لتخفيف عقوباتها، أو مراجعة مواقفها من السياسات المالية العالمية.

وقال الخوري في حديث لوكالة “سبوتنيك”: إن “النجاح المحتمل لهذا النظام يعتمد على توسع التحالفات الاقتصادية مع دول خارج “بريكس”. فإذا تبنت دول أخرى النظام، قد يشكل ذلك ضغطاً على الدول الغربية، لتخفيف عقوباتها، أو حتى مراجعة مواقفها من السياسات المالية العالمية”. ووفقا للخبير اللبناني، فإنه بالمحصلة، يبقى نجاح نظام دفع “بريكس” الموحد معتمداً على قدرة دول المجموعة على التغلب على العقبات التقنية والسياسية، مثل إنشاء بنية تحتية تقنية قوية وآمنة، وتوافقات قانونية وسياسية فيما بينها، وتعدد العملات؛ بالإضافة إلى تجنب أو التكيف مع الضغوطات الغربية المحتملة. وأضاف في هذا الصدد: “إذا تم إنشاء نظام الدفع، قد تواجه دول “بريكس”، أو الدول التي تستخدمه، عقوبات اقتصادية غربية. هذه العقوبات يمكن أن تعيق مشاركة دول أخرى أو شركات كبرى في النظام، مما يحد من فعاليته. ولكن قد تتمكن دول “بريكس” من إيجاد حلول لتجنب العقوبات أو التقليل من آثارها، مثل إنشاء آليات دفع خاصة بها، أو إبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول الراغبة في استخدام النظام؛ خصوصاً في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية”.

ورأى الخبير اللبناني، أن نظام الدفع المقترح سيساهم في تعزيز التوجه نحو عالم مالي متعدد الأقطاب، بدلاً من الاعتماد الكلي على النظام المالي الغربي؛ مشيراً إلى أن دول الجنوب العالمي تسعى إلى تقليل اعتمادها على القوى الاقتصادية الغربية، والأنظمة المالية التي تهيمن عليها، مثل نظام “سويفت” والدولار.

وحول أسباب رغبة دول الجنوب في الانضمام إلى “بريكس”، يرى الخوري أن هذا الائتلاف “يوفر بديًلا يمكن أن يساعد هذه الدول على تحقيق نوع من الاستقلالية الاقتصادية، وتعزيز تنميتها الذاتية”.

وتابع قائلا: “يجب التذكير بأن العديد من دول الجنوب تعتبر أن النظام الاقتصادي الدولي الحالي لا يعبر عن مصالحها، خاصة في ظل الهيمنة الغربية. إن الانضمام إلى “بريكس” يُعتبر خطوة نحو عالم متعدد الأقطاب يُمكّن هذه الدول من المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار الدولي”.

كما أشار الأكاديمي اللبناني إلى أن بعض دول الجنوب العالمي تعاني من العقوبات الغربية؛ مؤكداً أنها بالتالي ترى في الانضمام إلى “بريكس” وسيلة لمواجهة هذه العقوبات، من خلال دعم متبادل مع الدول الأعضاء مثل روسيا والصين.

جدير بالذكر أن مجموعة “بريكس” هي رابطة مشتركة بين الدول تم إنشاؤها في عام ،2009 من قبل البرازيل وروسيا والصين والهند، انضمت إليها جنوب أفريقيا عام 2011؛ ومنذ بداية عام ،2024 انضمت مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وتترأس روسيا مجموعة “بريكس” هذا العام، تحت شعار “تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين”؛ ونظمت روسيا منذ رئاستها المجموعة، أكثر من 200 حدث سياسي واقتصادي واجتماعي.
وسيكون الحدث الرئيسي هو قمة “بريكس”، بمشاركة عدد من رؤساء وقادة الدول؛ وستنعقد القمة في مدينة قازان خلال الفترة من 22 إلى 24 تشرين
الأول/أكتوبر الجاري.

الخوري لـ”لبنان 24″ : النزوح الجماعي الناتج عن الحرب يضيف عبئًا كبيرًا على الاقتصاد اللبناني

كيف أثّرت وتؤثر حرب اليوم على المدى الإقتصادي؟

لا يختلف اثنان على أن الحرب المستعرة حالياً ليس فقط على الخطوط الجنوبية، إنما في البقاع وفي بيروت أيضاً، أصابت اقتصاد لبنان في صميمه. فشركات الطيران أوقفت رحلاتها نحو مطار بيروت، فضربت معها الموسم السياحي والخدماتي الذي يزدهر صيفاً، وتستمر خطورة هذه الحرب مع حركة النزوح غير المسبوقة من الجنوب وبيروت وكافة المناطق التي طالها العدوان الإسرائيلي.

أما التقديرات الدقيقة للخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الحالية، فلا يمكن تحديدها بعد بسبب استمرار النزاع، لكن التقارير الأولية تشير إلى خسائر في البنية التحتية وتراجع الأنشطة الاقتصادية في المناطق المتضررة، لا سيما في الجنوب، بحسب البروفسور بيار الخوري.
وفي حديث لـ”لبنان 24″، أوضح الخوري أن الخسائر قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وقد تم تقدير خسائر البنية التحتية في حرب تموز من العام  2006 بـ 3.6 مليار دولار، لذا من المرجح ان تكون الأرقام أعلى في النزاع الحالي اعتمادًا على حجم الدمار واستمراريته.
وعن التأثيرات المباشرة للحرب على الاقتصاد اللبناني، قال الخوري إن أبرزها ينعكس على البنية التحتية، حيث تدمير الطرق، الجسور، وشبكات الكهرباء والمياه.
وهذه الآثار أيضاً تشهده الزراعة والصناعة، إذ توقف الإنتاج الزراعي في الجنوب، وتعطل عمل بعض المصانع والشركات نتيجة الأضرار المباشرة ونقص الإمدادات.
كما أشار الخوري إلى أنه في ميدان التجارة، فالحديث يدور عن تراجع كبير في التجارة المحلية والدولية، مع زيادة تكاليف الاستيراد بسبب الدمار في المرافئ.
أما من حيث التأثيرات غير المباشرة، فعدد الخوري أوّلها نزوح الآلاف من العائلات نحو المناطق الأكثر أمانًا، مما يزيد الضغط على الخدمات العامة ويزيد من الفقر.
كما أشار إلى انخفاض حاد في حركة السياحة بسبب عدم الاستقرار الأمني، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على التحويلات المالية من الخارج لدعم الأسر المتضررة.
ومن هنا، تحدّث عن انخفاض الثقة بالاقتصاد، أي تراجع الثقة بالأسواق المالية والمصارف، مما يفاقم أزمة الثقة التي يعاني منها لبنان منذ بداية الأزمة المالية.
وفي السياق، قارن الخوري بين تأثير الحروب السابقة والحالية على الاقتصاد اللبناني، قائلاً إن الحروب السابقة، مثل حرب 2006، أدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية وتأثيرات اقتصادية مماثلة، لكن السياق الاقتصادي الحالي مختلف بشكل جذري. ففي عام 2006، كان الاقتصاد اللبناني لا يزال في وضع أفضل نسبيًا وكان يمكنه التعافي جزئيًا بفضل المساعدات الدولية. أما الآن، فيعاني لبنان بالفعل من أزمة مالية حادة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويجعل الأضرار الاقتصادية أكثر تأثيرًا واستدامة.
وأشار على سبيل المثال، إلى أنه خلال حرب 2006، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% تقريبًا، في حين أن الاقتصاد الحالي يشهد بالفعل انكماشًا حادًا يتجاوز 25%.
كما اعتبر الخوري أن إعادة الإعمار بعد الحرب الحالية ستكون مكلفة للغاية، خاصة مع انهيار البنية التحتية والمؤسسات العامة. فتكاليف إعادة الإعمار في حرب 2006 بلغت حوالي 7.6 مليار دولار، ومن المرجح أن تكون أعلى الآن نظرًا للضرر المتزايد وانهيار العملة.
ولفت إلى جانب ذلك، إلى أن قدرة لبنان على استدامة عملية إعادة الإعمار ضعيفة للغاية بدون دعم خارجي كبير. ستؤثر هذه التكاليف على المديونية العامة، التي تتجاوز 150% من الناتج المحلي الإجمالي بالفعل، مما يجعل الاقتصاد غير مستدام في غياب إصلاحات هيكلية.
وشدد الخوري على وجوب إنشاء سياسات اقتصادية للتعافي، كالإصلاح المالي حيث يجب على لبنان تنفيذ إصلاحات مالية صارمة لخفض العجز في الميزانية وإعادة هيكلة الدين العام.
ومن هذه السياسات أيضاً، إصلاح القطاع المصرفي بهدف إعادة الثقة في النظام المالي أساسية لبدء عملية التعافي، فضلاً أن أهمية تحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة والزراعة والصناعات المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وعن دور المجتمع الدولي في هذا المجال، رأى الخوري أن لبنان بحاجة إلى دعم دولي من خلال مساعدات مالية مباشرة وبرامج تنموية، مثلما حدث بعد حرب 2006، حيث لعب المجتمع الدولي دورًا حاسمًا في إعادة الإعمار، لكن هذه المرة ستكون الشروط أصعب، خاصة مع تدهور الأوضاع المالية والفساد.
 كما تطرّق إلى تعميم مصرف لبنان الأخير الذي سمح للمستفيدين من تعاميم السحب الشهري الاستفادة من 3  اضعاف القيمة الشهرية لمرة واحدة وقد يتم تمديدها)، ولكنه أشار إلى أن التحدي يكمن في كيفية استدامة هذه الآلية.
وهنا قال الخوري: “هناك احتمال لزيادة التضخم بسبب زيادة القدرة والحاجة للانفاق في ظل تراجع الانتاج والطلب الاحتياطي على السكن والسلع، مما قد يؤدي في النهاية إلى تدهور محتمل في سعر صرف الليرة خاصة اذا اضطر مصرف لبنان لدعم عمليات الاغاثة”.
وشدد على أن النزوح الجماعي الناتج عن الحرب يضيف عبئًا كبيرًا على الاقتصاد اللبناني. فبحسب التقديرات، يكلف النزوح اللبناني الناتج عن الأزمات السابقة ما بين 10 إلى 15 مليار دولار، تشمل تكاليف الإسكان، الغذاء، الخدمات الصحية، والتعليم، والآن يتزايد الضغط بشكل كبير على الخدمات العامة والبنى التحتية في مناطق النزوح، ما يزيد من معدل الفقر، يفاقم البطالة، ويزيد الطلب على الخدمات التي تعاني أصلاً من ضغوط.
صحيح أن الأرقام لا تزال غير واضحة المعالم، إلا أن هذا الأمر لا يلغي الاتجاه العام للأزمة التي يمر بها لبنان، والتي تتطلب تدخلًا كبيرًا على مستوى السياسات الاقتصادية والدعم الدولي للخروج من هذه الحلقة الصعبة. فهذه الحرب الآخذة في الضراوة، وضعت اللبنانيين جميعاً تحت خطّ النار، إن ليس ميدانياً، فاجتماعياً واقتصادياً ونفسياً، والأمور ستأخذ وقتاً طويلاً ريثما تستتبّ.
للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا