الخوري لـ “هنا لبنان” : الاقتصاد الرّقمي ضرورةً ملحّةً لإعادة بناء الاقتصاد اللبناني

 يوضح المحلل الاقتصادي البرفيسور بيار الخوري لـ “هنا لبنان” أنّ “الاقتصاد الرّقمي ليس مجرّد خيار استراتيجي، بل ضرورةً ملحّةً لإعادة بناء الاقتصاد اللبناني وتحقيق التنمية المُستدامة”.

ويشير إلى أن “الانتقال نحو اقتصاد رقمي ممكن أن يحقّق فرص نمو اقتصادي كبيرة من خلال تحسين الكفاءة وتعزيز الشمول المالي، خاصةً بفضل القوّة الكامنة للمواهب التّكنولوجية في لبنان. فالشباب اللبناني لديه مهارات رقمية تؤهّله للابتكار والمنافسة على المستوى العالمي، ممّا يجعل الاقتصاد الرّقمي سوقًا واعدةً للاستثمار”.

“ومع ذلك، يواجه لبنان تحدّياتٍ كبيرةً تعيق هذا التحوّل، أبرزها ضعف البنية التحتية الرّقمية، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي المتكرّر وبطء الوصول إلى الإنترنت. كما أنّ تراجع الثقة في النظام المصرفي بعد الأزمة المالية يمثّل عقبةً رئيسيةً أمام تبنّي الخدمات الرقمية. ولتجاوز هذه المعوقات، يشدد الخوري على أهمية توفير الحماية التشريعية للمعاملات الإلكترونية، وتحفيز الاستثمارات في البنية التحتية، وتحفيز الحلول المالية الرّقمية من خلال حوافز ضريبية وحملات توعية مجتمعيّة”، بحسب الخوري.

علاوةً على ذلك، تؤثّر عادات المعاملات النقدية من جهة، وانتشار الاقتصاد غير الرسمي من جهة أخرى، في قدرة لبنان على تقليل الاعتماد على النّقد. وتعتبر تطوير حلول دفع إلكتروني بسيطة وآمنة خطوةً حيويةً لتعزيز البدائل الرّقمية، خاصةً في المناطق الرّيفية وشرائح المجتمع ذات التعليم المحدود، إذْ يتطلّب هذا الأمر برامج تدريب وتوعية فعّالة لإيصال الفوائد الرّقمية إلى جميع المواطنين.

ويلفت الخوري إلى “إمكانية تسريع التحوّل الرّقمي إذا تعاونت السلطات التنظيمية مع شركات الاتصالات لبناء أنظمة دفع عبْر الهاتف المحمول، كما أنّ تبنّي سياسات مرنة تُشجع على الابتكار في التّكنولوجيا المالية من خلال تسهيل إجراءات ترخيص الشركات الناشئة، الأمر الذي يساهم بشكلٍ كبيرٍ في دعم جهود الشمول المالي”.

ويضيف الخوري: “مع ذلك فإنّ تحقيق الاستقرار الاقتصادي يتطلّب إصلاحاتٍ هيكليةً جذريةً، تشمل مكافحة الفساد في السياسات الحكومية، وإعادة هيكلة شاملة للنظام المصرفي. يتطلب الأمر كذلك اعتماد أنظمةِ دفعٍ مركزيةٍ حديثة، وإصلاح السياسات الضريبيّة لتحقيق العدالة المالية”.

ويتابع: “من جهة أخرى، يوفِّر التحوّل الرّقمي فرصًا لتعزيز الإيرادات الضريبيّة من خلال تتبّع المعاملات، وتمويل الشركات الصغيرة عبر البيانات الرّقمية. كما يمكن أن يجذب الاستثمار الأجنبي إلى قطاعَيْ التّكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية، مما يعزّز السوق اللبنانية ككلّ”.

“ولجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع الرّقمي، يتطلّب الأمر إنشاء نظام قانوني جذّاب ينظم العملات المشفرة ويحمي حقوق المستثمرين، إلى جانب بناء بنيةٍ تحتيةٍ رقميةٍ متقدمةٍ بالشراكة مع الجهات الدولية. وبالجاذبية المناسِبة، يمكن أن يتحوّلَ لبنان إلى مركزٍ إقليمي للابتكار المالي من خلال تقديم الإعفاءات الضريبيّة للشركات الناشئة في التّكنولوجيا المالية، وتدريب الكفاءات المحلية بالتعاون مع المؤسّسات الدولية، إذا كان هناك تصميم سياسي حقيقي على تنفيذ الإصلاحات المؤسّسية”، بحسب الخوري.

وفي المحصّلة، يظهر التحوّل نحو الاقتصاد الرّقمي في لبنان كفرصةٍ واعدةٍ للنموّ، على الرَّغم من التحديات الكبيرة التي يتعيّن مواجهتها، إذْ يتطلّب هذا المسار تعاونًا شاملًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الفرصة.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا

الخوري لـ ” النهار” : يجب أن تتحول المصارف من التركيز على الإقراض الاستهلاكي إلى تمويل المشاريع الابتكارية

ماذا يتطلب التعافي الحقيقي؟

النصائح أساسية في هذه المرحلة الجديدة من لبنان، فخطأ الحكومات المتعاقبة هي عدم توظيف أخطاء الماضي لتصحيح مسار المستقبل. ولكن النصائح وحدها لا تكفي، بل يجب العمل على أرض الواقع والانغماس بتحديات كثيرة حتى يخرج عهد الرئيس الجديد والحكومة المنتظرة بانتصارات حقيقية.

فالتعافي الاقتصادي الحقيقي يتطلب رؤية شاملة توازن بين توجيه القيادة السياسية وصياغة خطط حكومية عملية، مع إعطاء أولوية للقطاعات الإنتاجية القائمة على التكنولوجيا.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي د. بيار الخوري لـ”النهار”، أن “دور الرئيس يتمثل في الدفع نحو تبني رؤية وطنية متكاملة، تجمع كافة أصحاب المصلحة من القوى السياسية والقطاع الخاص، المجتمع المدني والأكاديميين، لتحديد مسار يعكس طموحات البلاد الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن الحكومة هي الجهة التنفيذية المسؤولة عن تحويل هذه الرؤية إلى خطط تفصيلية وبرامج قابلة للتطبيق”.

 

التكنولوجيا هي المفتاح

 

ويضيف الخوري أن “القطاعات الإنتاجية، خصوصاً تلك المرتبطة بالتكنولوجيا والابتكار، تمثل مفتاحاً لتجاوز الأزمات الاقتصادية وتأسيس اقتصاد مستدام قادر على المنافسة في بيئة عالمية متغيرة والحكومة مطالبة بوضع سياسات تشجع على تطوير الصناعات التقنية، مثل التصنيع المتقدم، الطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، التي تعتمد على تكنولوجيا البيانات والذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والإنتاج. ودور الحكومة هنا يمتد إلى خلق بيئة تدعم الابتكار من خلال تحسين جودة التعليم والتدريب المهني، والتركيز على المهارات المستقبلية التي يتطلبها الاقتصاد الرقمي”.

ولفت الخوري إلى أن “الرؤية الوطنية التي يدفع الرئيس نحو تبنيها يجب أن تعكس التزاماً واضحاً نحو بناء اقتصاد إنتاجي، حيث تُوظَّف التكنولوجيا كأداة استراتيجية لتطوير القطاعات التقليدية كالزراعة والصناعة، وتحفيز النمو في القطاعات الناشئة. هذه الرؤية تتطلب دعماً تشريعياً من مجلس النواب لضمان تحديث القوانين بما يتماشى مع متطلبات الاقتصاد الرقمي، مثل حماية البيانات، وتشجيع الاستثمار في الابتكار”.

وفي هذا الإطار، يؤكد أن “إعادة هيكلة القطاع المصرفي تعد ضرورة لضمان تدفق التمويل إلى هذه القطاعات التكنولوجية الإنتاجية. ويجب أن تتحول المصارف من التركيز على الإقراض الاستهلاكي إلى تمويل المشاريع الابتكارية، مع وضع سياسات لضمان توجيه التمويل نحو أولويات التنمية المستدامة”.

 

تحديات كثيرة أمام رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة، تبدأ بحلّ المشاكل التاريخية والآنية، وصولاً إلى التفكير بتنمية المستقبل، فهل ينجح العهد الجديد بوضع خارطة طريق لسكة صحيحة تعيد لبنان إلى نهضته؟

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا

الخوري لـ”نداء الوطن” : لبنان بحاجة إلى مقاربة شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد والاستفادة من الثورة التكنولوجية

اعتبر عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا بيار الخوري أنه في ظل التحولات العميقة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، تتطلب الأزمة الاقتصادية في لبنان إعادة تعريف لدور الاقتصاد ووظيفته المستقبلية. لم يعد من الممكن للبنان أن يستمر كبلد يعتمد على السياحة والخدمات فقط، وهي القطاعات التي شكلت ركيزة أساسية لاقتصاده في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. مؤكدا لـ “نداء الوطن” أن الاقتصاد الجديد، القائم على المعرفة والتكنولوجيا، يفتح آفاقاً وفرصاً مختلفة جذرياً، تفرض على لبنان إعادة النظر في خياراته الاقتصادية التقليدية التي أظهرت هشاشتها أمام التحديات الحالية.

ورأى الخوري أن لبنان بحاجة إلى مقاربة شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد والاستفادة من الثورة التكنولوجية التي أصبحت المحرك الأساسي للنمو العالمي، مشيراً إلى أنه يجب تعزيز اقتصاد المعرفة من خلال الاستثمار في التعليم النوعي، خاصة في مجالات التكنولوجيا والابتكار، وتوفير بنية تحتية رقمية متقدمة تدعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال. هذا النوع من الاقتصاد يتيح للبنان فرصة للخروج من أزمته عبر خلق قيمة مضافة حقيقية وتحقيق ارتباط أكبر بالأسواق العالمية.

من جهة أخرى، أكد أنه لا يمكن للبنان تجاهل القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة، التي تم إهمالها لعقود. مشدداً على أن التحول نحو اقتصاد قائم على الإنتاج والتصدير يتطلب إصلاحات جذرية في البنية التحتية ودعماً موجهاً لتحسين جودة المنتجات الوطنية، وفتح أسواق جديدة عبر اتفاقيات تجارية إقليمية ودولية. كما يجب التركيز على الصناعات التحويلية التي تضيف قيمة مضافة، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو التصنيع المتقدم.

أما بالنسبة لدور لبنان السابق كملاذ آمن للأموال وملجأ للتهريب الضريبي، فمن الصعب استعادة هذا الدور في ظل فقدان الثقة بالنظام المصرفي اللبناني. مؤكداً أن استعادة الثقة تتطلب إصلاحاً عميقاً للنظام المالي، وإعادة هيكلة المصارف، وضمان حقوق المودعين، واستقرار العملة الوطنية. قائلاً: لكن العالم اليوم لم يعد يحتفي بالمراكز المالية السرية بنفس الطريقة، بل باتت الشفافية والالتزام بالمعايير الدولية هما الأساس لجذب الاستثمارات.

وختم الخوري مؤكداً أن لبنان يقف عند مفترق طرق. اقتصاد الخدمات والسياحة لم يعد كافياً أو مستداماً، في حين أن الفرصة الحقيقية تكمن في الانتقال إلى نموذج اقتصادي حديث يعتمد على الإنتاج والتكنولوجيا. لتحقيق ذلك، يحتاج لبنان إلى رؤية اقتصادية بعيدة المدى، وإرادة سياسية حقيقية، ودعماً دولياً يساعده في إعادة بناء اقتصاده بشكل يتلاءم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا