أشار الخبير الإقتصادي البروفسور بيار الخوري إلى أن العديد من اللبنانيين، المحليين والمغتربين على حد سواء، تحوّلوا إلى العملات المستقرة مثل USDT أو حتى Bitcoin واخواتها كوسيلة للحفاظ على القيمة أو التحويل وتلقي الأموال خارج النظام المصرفي. على الرغم من أنها تقلل من الاعتماد على المؤسسات المالية التقليدية وتوفر السرعة والمرونة، إلا أن استخدامها مقيد مع ذلك بسبب ضعف الثقافة الرقمية وانعدام الثقة والتقلب الشديد في الأسعار، لكن هذا التقبل للعملات المشفرة يحمل مخاطر معينة.
في قراءة اقتصادية حول أسباب زيادة طلب المستثمرين على القرارت، يقول الخبير الاقتصادي البرفسور بيار الخوري: “يشهد القطاع العقاري في لبنان نشاطًا متزايدًا مع ارتفاع الطلب، مما يعكس عوامل اقتصادية واجتماعية متعددة. هذا الارتفاع يبدو مدفوعًا بالتوقعات، حيث يتوقع المشترون استمرار صعود الأسعار، فيسارعون إلى الشراء، بينما يفضل المالكون التريث، على أمل تحقيق مكاسب أكبر في المستقبل. في ظل الأزمة المالية والتضخم، أصبحت العقارات ملاذًا آمنًا لحفظ القيمة ما أدى إلى تزايد الطلب مقابل محدودية العرض، وجعل امتلاك العقارات أكثر صعوبة لذوي الدخل المحدود، مما عمّق الفجوة الاقتصادية”.
ويتابع: “في الوقت نفسه، تأثرت بعض المناطق، لا سيما تلك المتضررة من الحرب الإسرائيلية، حيث بات السكان أقل تفاؤلًا بالعودة السريعة بسبب تعقيدات تمويل إعادة الإعمار. هذا الواقع قد يدفع البعض إلى البحث عن بدائل سكنية أكثر استقرارًا، مما يعيد تشكيل الخريطة العقارية في البلاد. ومع ارتفاع الطلب على الإيجارات نتيجة تعذر التملك، تزداد أسعار الإيجارات، وهو ما قد يجذب المستثمرين العقاريين الباحثين عن عوائد مرتفعة، فيرفع بالتالي أسعار البيع أيضًا. لكن إذا كان الطلب على الإيجار يعكس ضعف القدرة الشرائية لشراء العقارات، فقد يؤدي ذلك إلى استقرار أو حتى انخفاض أسعار البيع، حيث يتراجع عدد المشترين المحتملين القادرين على امتلاك الوحدات السكنية.”
إضافة إلى ذلك، فإنّ غياب القروض السكنية أدى إلى تراجع قدرة شريحة واسعة من اللبنانيين على شراء العقارات، مما زاد من الاعتماد على الإيجارات وساهم في ارتفاع أسعارها. وفي حال عودة هذه القروض مستقبلاً، فقد يؤدي ذلك إلى تحريك السوق مجددًا، إذ ستزداد القدرة الشرائية للمواطنين، مما يعزز الطلب على الشراء ويدفع بأسعار العقارات إلى الارتفاع مجددًا، خاصة إذا ترافق ذلك مع تحسن في الاستقرار الاقتصادي. ومع ذلك، فإنّ تأثير عودة القروض سيعتمد على طبيعة الشروط والفوائد المطبقة، حيث إن معدلات الفائدة المرتفعة قد تحدّ من تأثيرها الإيجابي على الطلب”. بحسب الخوري.
كما يلفت إلى أنّ “استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى ارتفاع إضافي في الأسعار، ما يدفع المزيد من الأفراد نحو الإيجارات بدلاً من التملك، خاصة إذا لم يترافق ذلك مع استقرار اقتصادي يعزز قدرة الأفراد على الشراء. أما في حال تحسنت الظروف السياسية والاقتصادية، فقد يعود التوازن تدريجيًا إلى السوق مع زيادة المشاريع السكنية وطرح حلول عملية لإعادة الإعمار، مما يساهم في استقرار الأسعار على المدى الطويل”.
للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا
هل من بصيص أمل ولو صغير ينتشلهم من هذا الواقع المخيف؟
قطاع مكبوت
هذا السؤال حملناه للخبير الإقتصادي عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفسور بيار الخوري، الذي أكد أن السوق العقاري في لبنان عانى من تحوّلات جمّة بعد الأزمة، وبشكل أساسي بسبب غياب المشاريع العقارية الكبرى، وأيضاً بسبب تحوّل جزء كبير من المواطنين من الشراء إلى الإيجار.
وأضاف الخوري لـ”لبنان 24″، أنه في الوقت عينه، وعلى الرغم من أن أسعار المبيع انخفضت بشكل كبير، إلا أن المناطق التي تعتبر أساسية و”صفّ أوّل”، لم تشهد حركة بيع كبيرة على مستويات الأسعار التي قيل إنها انخفضت لـ60% من السعر قبل الأزمة.
وأوضح أنه قد يكون هناك من اضطر لعدد من العوامل، أن يبيع عقاره بسعر زهيد، إلا أن معظم القروض العقارية والسكنية التي كان الناس يأخذونها، كانت بهدف التملّك وليس التجارة وقد انخفضت قيمتها.
وأشار الخوري إلى أن فيروس كورونا أدّى إلى معاناة السوق العقاري، ثم نشطت الحركة بدفع من سوق الإيجارات وسوق السياحة الريفية، لذلك يمكن التأكيد أن القطاع خسر عوامل مهمّة عدّة منها المشاريع الكبرى والبنية التحتية، ولكنه ربح التحوّل في مفهوم العمل بسوق العقارات، الذي وعلى الرغم من استمرار انخفاض الناتج الوطني بحدود الـ70%، لا يزال يشكّل النسبة عينها لدى 18% من مجموع الناتج.
وشدد على أن السوق العقاري مكبوت، ولو كان هناك من استثمارات وقروض وأموال تدخل عن طريق القطاع المصرفي اليوم في البلد، فالمستفيد الأول سيكون القطاع العقاري، مؤكداً أن المستثمرين لا يمكن أن يتشجعوا في ظل الأوضاع الراهنة.
وقال الخوري إن المغتربين يعتقدون أن الوقت الآن ملائم لشراء العقارات أكثر منه في ما لو كانت الأوضاع مستتبة، كما أن تجار العقارات يعمدون إلى شرائها على الأسعار المنخفضة وتحديداً المحال والأراضي، خاصة وأن السوق اليوم لا سعر محددا له. كما أن لا استعدادات للبيع على أسعار زهيدة إلا في حالات معينة كالحاجة إلى المال أو مغادرة البلد بشكل نهائي وغيرها.
واعتبر أن “السبب الرئيسي الذي أدّى لوصول القطاع العقاري إلى ما هو عليه اليوم، هو سياسة فتح الإستيراد ورفع الطلب المحلي بطريقة غير عقلانية”، مشدداً على أننا خسرنا استدامة قدرة الإنفاق على سائر القطاع بما فيها العقاري.
وكشف الخوري أنه منذ العام 2013، شهد القطاع العقاري ولا يزال على عناصر ضعف ارتبطت بأن الميزان التجاري على سبيل المثال لا الحصر، سجّل عجزاً هائلاً وتاريخياً، كما أن ميزان المدفوعات لم يستطع تعويض العجر ما أدى إلى انخفاض الأموال المتوفرة للعمل بالقطاعات كافة.
وأضاف: “يعدّ البلد غير طبيعي منذ 2019 من حيث المخاطر السياسية، الأمنية والإقتصادية، فضلاً عن أزمة المصارف التي وللمفارقة، أدّت إلى تماسك القطاع العقاري ولو قليلاً من خلال سوق الشيكات في 2020 و2021، إلا أن هذا الأمر ليس دائماً”.
لا أفق للتحسّن
وفي السياق، رأى الخوري أن لا أفق لتحسّن القطاع وما نحن عليه اليوم هو الأفضل لناحية الظروف المحيطة”، قائلاً: “ربّ ضارة نافعة، إذ إننا كسبنا نظرة الناس المتحوّلة إلى الإيجارات وهذا ضروري لأننا في خضمّ أزمة شباب غير قادر على الزواج وشراء بيوت، ويمثّل الإيجار إمكانية لبداية تأسيس حياة من دون انتظار القروض العقارية ومن دون تحمّل مبالغ طائلة شهرياً”.
وأكد أنه في حال تمّ الثبات على هذا الإتجاه، فسيكون امراً جيداً جداً بالنسبة لمن يستثمر العقار ولمن يشغله أيضاً كالعقارات التجارية، ويتحوّل الأمر نحو العقارات السكنية.
أمّا بالنسبة للخسائر التي ارتدّت على خزينة الدولة، فقال الخوري إن الدولة هي التي لا تقوم بفتح المصالح العقارية في الوقت الراهن لقبض المستحقات، مشدداً على أن الفساد الذي يطغى على الإدارات لا بد من أنه يؤدي إلى خسارة خزينة الدولة الكثير من حقوقها.
وعن السبل ﻟﺘﺤﺮﯾﻚ ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺘﻤﻮﯾﻞ اﻟﻌﻘﺎري ﻣﻦ ﺟﺪﯾد، رأى الخوري أن ما يحصل في الظروف الحالية هو الأفضل، قائلاً إن من بمقدوره أخذ المخاطر يأخذها خاصة وأن الدولة لا تقوم باستثمارات، والقطاع الخاص لا يرتاح للإقدام على خطوة الإستثمار الكبير، لذا ما من سبل سوى الذهاب نحو دولة سوية من خلال الوصول إلى تسوية ما بالنسبة لرئاسة الجمهورية وللأوضاع الأمنية المشتعلة جنوباً، بالإضافة طبعاً إلى القطاع المصرفي الذي لا يزال حلّه غامضاً جداً.
وشدد على أن “لبنان لا تباع فيه العقارات، ومن هو قادر على الشراء، فليفعل ذلك”، قائلاً: “مررنا بالحرب الأهلية وتكسّر البلد وكانت الآفاق مسدودة على مدى أكثر من 10 سنوات، إلا أن العقارات لم تخسر بل ربحت”، داعياً للتريث في هذا الأمر مع أننا تحت خطر انخفاض الأسعار مجدداً إلا أن ميزان السوق العقاري قد ينقلب بسرعة”.
للاطلاع على المقال كاملاً: اضغط هنا