لفت الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث لـ”صوت بيروت إنترناشونال” إلى أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان ركزت على مناقشة السياسات والبرنامج الإصلاحي للحكومة حيث أجرت البعثة لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين من بينهم الرئيس جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومى نواف سلام بالإضافة إلى مصرف لبنان وأعضاء مجلس الوزراء.
وأضاف الخوري: “قد رحبت البعثة بطلب السلطات اللبنانية التفاوض على برنامج جديد تدعمه موارد الصندوق بهدف معالجة التحديات الاقتصادية العميقة التي يواجهها لبنان”. ولكن على الرغم من بعض الإجراءات السياسية الأخيرة التي ساعدت في تحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي مثل انخفاض التضخم واستقرار سعر الصرف بعد القضاء على العجز المالي منذ منتصف عام 2023، أكّد صندوق النقد الدولي أن هذه الخطوات لا تكفي لمواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستمرة وشدد على الحاجة الماسّة إلى وضع استراتيجية شاملة لإعادة تأهيل الاقتصاد بما يضمن استعادة النمو و تخفيض البطالة وتحسين الأوضاع الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، يشير الخوري إلى أن الصندوق شدد على ضرورة تنفيذ إصلاحات جوهرية تشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحسين الحوكمة والشفافية وخفض عجز الموازنة و تعزيز استقلالية مصرف لبنان وإصلاح قطاع الطاقة ووقف الهدر والفساد وتعزيز بيئة الأعمال لضمان تحقيق التعافي الاقتصادي المستدام.
ورداً على سؤال حول إمكانية إبرام الحكومة اللبنانية اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي رغم عمرها القصير، قال الخوري: “قد أبدت الحكومة الجديدة التزامها بالتفاوض على برنامج إصلاحي شامل لكن نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى التزامها بتطبيق الإصلاحات المطلوبة والتي لطالما شكلت عائقًا أمام أي تقدم في المفاوضات السابقة ومع أن التزام الحكومة الجاد قد يسهم في بناء الثقة مع الصندوق والمجتمع الدولي إلا أن التحديات السياسية الداخلية قد تؤثر على سرعة التنفيذ، فبينما يركز الصندوق رسميًا على الإصلاحات الاقتصادية لا يمكن فصل الوضع الاقتصادي عن السياق السياسي العام”.
ووفقاً للخوري، فعلى الرغم من أن صندوق النقد لا يضع شروطًا سياسية مباشرة إلا أن الدعم الدولي للبنان يرتبط بشكل غير معلن بمسائل سياسية وأمنية مثل ضبط الفساد استقلالية القضاء وتعزيز سيادة الدولة لافتاً إلى أن بعض الدول الكبرى المانحة مثل الولايات المتحدة وفرنسا قد تربط دعمها للبنان بمسألة حصر السلاح بيد الجيش اللبناني رغم أن هذا ليس شرطًا رسميًا للصندوق وبالتالي فإن البيئة السياسية قد تؤثر بشكل غير مباشر على فرص نجاح المفاوضات لا سيما أن أي مساعدات دولية مشروطة بالإصلاحات الاقتصادية قد تتأثر بالعوامل السياسية والأمنية.
أما بالنسبة لتوقيت التوصل إلى اتفاق، فرأى الخوري بأن ذلك يعتمد على سرعة تنفيذ الحكومة للإصلاحات ومدى تجاوب القوى السياسية مع متطلبات الصندوق، مشيراً إلى أنه لم يتم تحديد جدول زمني دقيق لإنجاز الاتفاق لكن استمرار التواصل والتعاون بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي سيكون عنصرًا حاسمًا في تسريع العملية، ومع أن الصندوق يدرك حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها لبنان إلا أنه لن يتنازل عن شروطه الأساسية، إذ يعتبر الإصلاحات شرطًا لا غنى عنه لضمان استدامة أي دعم دولي وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى البعيد.
للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا