الخوري لـ ” الخبر” : الانفراج السياسي يمكن أن يخلق إرادة حقيقية لتحقيق الإصلاحات الضرورية

يشرح الخبير الاقتصادي وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري للـ”خبر إن “استمرار الفساد يعتبر العائق الأكبر أمام تحقيق الإصلاحات المطلوبة. هو ليس مجرد مشكلة إدارية بل هو جزء من شبكة معقدة تشمل قطاعات الدولة والقطاع الخاص، ما يجعل محاربته أمرا صعبا ويتطلب تغييرات جوهرية في الثقافة السياسية والحوكمة”.

  • ورغم التحديات، هناك عدة عوامل تدعو للتفاؤل. وهنا يؤكد الخوري أن “الانفراج السياسي يمكن أن يخلق إرادة حقيقية لتحقيق الإصلاحات الضرورية، خصوصا إذا تُرجمت إلى خطوات عملية. الدعم الدولي، سواء من الدول المانحة أو المؤسسات المالية العالمية، يمكن أن يساعد في تقديم الخبرات التقنية والمالية اللازمة”، معتبرا أن الإصلاحات الاقتصادية المتوقعة قد تسهم في تعزيز الثقة الدولية بلبنان إذا تم تنفيذها بشكل واضح وشامل. إضافة إلى ذلك، يبدو أن القطاع المصرفي اللبناني على استعداد لتحسين التزاماته بالمعايير الدولية لاستعادة علاقاته مع الأسواق العالمية. ومع ذلك، فإن العقبات الرئيسية مثل ضعف الثقة الدولية واستمرار الفساد تتطلب جهودًا مستدامة ومركزة لتحقيق هذا الهدف”.

“يعاني لبنان من أزمة ثقة عميقة على المستوى الدولي بسبب تراكم الأزمات السياسية والاقتصادية على مدى سنوات طويلة. فالمجتمع الدولي والهيئات المالية لا يزالان ينظران إلى لبنان كدولة غير ملتزمة بتعهداتها الإصلاحية، خصوصا بعد فشل الحكومات المتعاقبة في تنفيذ وعودها المتعلقة بالإصلاح المالي والإداري، وكغيرها من التحديات فإن استعادة هذه الثقة تحتاج إلى وقت وجهود متواصلة”، يقول الخوري.

هناك تحدٍ آخر يتمثل في ضعف البنية التحتية القانونية والمؤسساتية في البلاد، فالمؤسسات القضائية والتنظيمية غالبا ما تفتقر إلى الموارد اللازمة والكفاءة اللازمة لتطبيق القوانين بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال التدخلات السياسية المستمرة في عمل القضاء والمؤسسات الرقابية تحد من استقلاليتها وقدرتها على اتخاذ قرارات جريئة، لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا

الخوري يتحدث للنهار عن الأمن الغذائي: من الضروري تحليل الأرقام بشكل منفصل بين اللاجئين والسكان المحليي

يعتبر الخوري أن “اللاجئين السوريين والفلسطينيين معاً يعيشون في ظروف شديدة الصعوبة، حيث تشير التقديرات إلى أن 90% من الأسر السورية تعيش تحت خط الفقر المدقع، ونصفهم يعاني انعدام الأمن الغذائي. ولا شك، أن إدماج هذه الفئة ضمن الإحصاءات الإجمالية قد يؤدي إلى تضخيم الأرقام، ما يجعلها تبدو غير عاكسة بدقة لواقع اللبنانيين وحدهم”.

ويلفت إلى أن ” وجود اللاجئين يؤثر بشكل كبير على الإحصاءات، إذ إنهم يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية ويواجهون قيوداً على العمل والوصول إلى الخدمات”.

لكن هذا العامل لا يلغي أن “اللبنانيين يعانون أزمات مختلفة”، وفق الخوري، “أبرزها انهيار العملة الوطنية وارتفاع معدلات الفقر، ما يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي لديهم لأسباب تختلف عن تلك التي يواجهها اللاجئون. إن الأزمة الاقتصادية الحادة أثرت على الجميع، لكنها ضربت اللاجئين بشكل خاص نظراً إلى اعتمادهم شبه الكامل على المساعدات الدولية التي تراجعت في الآونة الأخيرة.”

أمام هذا الدمج، كيف يمكن الوصول إلى أرقام أكثر دقة؟

يرى الخوري أن ” من الضروري تحليل الأرقام بشكل منفصل بين اللاجئين والسكان المحليين. هذا التفريق يساعد في تقديم صورة أكثر دقة عن واقع الشعب اللبناني، بعيداً عن تأثير الأزمات التي يعاني منها اللاجئون، ويساهم في صياغة سياسات أكثر فعالية واستهدافاً لكل فئة. كذلك، فإن زيادة الشفافية في توضيح منهجيات جمع البيانات يعزز من صدقية التقارير ويساعد في تجنب الشكوك حول دقتها”.

ويختم: “هذا التحليل يبرز أن الشكوك حول الأرقام، بناءً على وجود اللاجئين، ليست مجرد افتراضات بل تعكس واقعاً يتطلب تدقيقاً دقيقاً وإدارة أكثر حساسية للبيانات لتوجيه الحلول بشكل فعال يلبي احتياجات كل الفئات المتضررة”.

الخوري لـ ” النهار” : يجب أن تتحول المصارف من التركيز على الإقراض الاستهلاكي إلى تمويل المشاريع الابتكارية

ماذا يتطلب التعافي الحقيقي؟

النصائح أساسية في هذه المرحلة الجديدة من لبنان، فخطأ الحكومات المتعاقبة هي عدم توظيف أخطاء الماضي لتصحيح مسار المستقبل. ولكن النصائح وحدها لا تكفي، بل يجب العمل على أرض الواقع والانغماس بتحديات كثيرة حتى يخرج عهد الرئيس الجديد والحكومة المنتظرة بانتصارات حقيقية.

فالتعافي الاقتصادي الحقيقي يتطلب رؤية شاملة توازن بين توجيه القيادة السياسية وصياغة خطط حكومية عملية، مع إعطاء أولوية للقطاعات الإنتاجية القائمة على التكنولوجيا.

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي د. بيار الخوري لـ”النهار”، أن “دور الرئيس يتمثل في الدفع نحو تبني رؤية وطنية متكاملة، تجمع كافة أصحاب المصلحة من القوى السياسية والقطاع الخاص، المجتمع المدني والأكاديميين، لتحديد مسار يعكس طموحات البلاد الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن الحكومة هي الجهة التنفيذية المسؤولة عن تحويل هذه الرؤية إلى خطط تفصيلية وبرامج قابلة للتطبيق”.

 

التكنولوجيا هي المفتاح

 

ويضيف الخوري أن “القطاعات الإنتاجية، خصوصاً تلك المرتبطة بالتكنولوجيا والابتكار، تمثل مفتاحاً لتجاوز الأزمات الاقتصادية وتأسيس اقتصاد مستدام قادر على المنافسة في بيئة عالمية متغيرة والحكومة مطالبة بوضع سياسات تشجع على تطوير الصناعات التقنية، مثل التصنيع المتقدم، الطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، التي تعتمد على تكنولوجيا البيانات والذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والإنتاج. ودور الحكومة هنا يمتد إلى خلق بيئة تدعم الابتكار من خلال تحسين جودة التعليم والتدريب المهني، والتركيز على المهارات المستقبلية التي يتطلبها الاقتصاد الرقمي”.

ولفت الخوري إلى أن “الرؤية الوطنية التي يدفع الرئيس نحو تبنيها يجب أن تعكس التزاماً واضحاً نحو بناء اقتصاد إنتاجي، حيث تُوظَّف التكنولوجيا كأداة استراتيجية لتطوير القطاعات التقليدية كالزراعة والصناعة، وتحفيز النمو في القطاعات الناشئة. هذه الرؤية تتطلب دعماً تشريعياً من مجلس النواب لضمان تحديث القوانين بما يتماشى مع متطلبات الاقتصاد الرقمي، مثل حماية البيانات، وتشجيع الاستثمار في الابتكار”.

وفي هذا الإطار، يؤكد أن “إعادة هيكلة القطاع المصرفي تعد ضرورة لضمان تدفق التمويل إلى هذه القطاعات التكنولوجية الإنتاجية. ويجب أن تتحول المصارف من التركيز على الإقراض الاستهلاكي إلى تمويل المشاريع الابتكارية، مع وضع سياسات لضمان توجيه التمويل نحو أولويات التنمية المستدامة”.

 

تحديات كثيرة أمام رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة، تبدأ بحلّ المشاكل التاريخية والآنية، وصولاً إلى التفكير بتنمية المستقبل، فهل ينجح العهد الجديد بوضع خارطة طريق لسكة صحيحة تعيد لبنان إلى نهضته؟

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا