التصعيد الصيني قرب تايوان: رسائل بالنار لا حرباً عالمية

دخلت العلاقة بين الصين وتايوان منعطفاً جديداً من التصعيد، إذ أطلقت بكين أمس الأربعاء، مناورات في مضيق تايوان، وذلك غداة تدريبات حربية للقوات المسلحة الصينية، تحاكي فرض حصار على الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.

وفيما عبّرت تايبيه وواشنطن عن انزعاجهما من المناورات الصينية، يزور وزير الخارجية الصيني موسكو، لإجراء لقاءات يمكن إدراجها في خانة تصعيد بكين التي تحاول حشد الدعم من أجل تحقيق أهدافها المعلنة بعدم السماح باستقلال تايوان مهما كلف الأمر.
وحشد الجيش الصيني، أمس، قواته المختلفة في منطقة محيطة بتايوان، موجهاً بالذخيرة الحية، رسائل في أكثر من اتجاه، ومنفّذاً محاكاة تتضمن محاصرة الجزيرة، واستهداف بالنار لأهداف على حدودها الشرقية، في ظل تحذيرات جديدة من بكين، وتأكيد بأن أي تحرك نحو استقلال تايوان سيؤدي إلى اندلاع “حرب حتمية”، مشددة على أن مصير مثل هذه المحاولات سيكون “الفشل”.

وأكد المتحدث باسم القيادة الشرقية للجيش الصيني أن التدريبات -التي تحمل اسم “رعد المضيق 2025-إيه”- تستهدف اختبار قدرات الجيش على السيطرة الإقليمية، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات حصار ومراقبة مشتركة، وتوجيه ضربات دقيقة ضد أهداف حيوية مثل الموانئ ومنشآت الطاقة.

وأثار الحراك الصيني، غضب التايوانيين والأميركيين، وفي السياق وصف الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي، الصين بأنها “قوة خارجية عدائية” متهماً بكين بتكثيف أنشطتها الاستخباراتية ضد الجزيرة. فيما حذّرت الولايات المتّحدة الثلاثاء، من أنّ الصين “تُعرّض للخطر” الأمن الإقليمي بإجرائها تدريبات عسكرية في مضيق تايوان.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إنّ الأنشطة العسكرية “العدوانية” التي تقوم بها الصين وخطابها تجاه تايوان “لا يؤدّيان إلا إلى تفاقم التوترات وتعريض أمن المنطقة وازدهار العالم للخطر”.

كما دعا البيت الأبيض، إلى “الحفاظ على السلام” عقب المناورات الصينية، مؤكداً أن واشنطن تعارض أي “محاولات أحادية الجانب” لتغيير وضع الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في مؤتمر صحافي إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، “يؤكد أهمية الحفاظ على السلام في مضيق تايوان”، وقالت إن “الولايات المتحدة تعارض أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن بالقوة أو بالإكراه”.

في هذا السياق يعلق رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية د. هيثم مزاحم لمجلة شؤون آسيوية، عما اذا كانت ستسمح الصين باستقلال تايوان، قائلا: “إن الصين لن تسمح باستقلال تايوان عن جمهورية الصين الشعبية، باعتبار أن تايوان جزء من الصين وباستثناء عشر دول فجميع دول العالم لا تعترف بتايوان واعتبرها جزءا من الصين.” ويضيف:” تايوان هي جزء أساسي من الصين تاريخيا وقانونيا ضمن مبدأ الصين الواحدة، حتى الولايات المتحدة التي تدعم تايوان وقعت تفاهمات مع الصين وأصدرتا بيانات مشتركة تؤكد على مبدأ الصين الواحدة وأن تايوان هي جزء من الصين ولكن في المقابل تلتزم الصين بعدم استعادة تايوان بالقوة .. لكن الآن الولايات المتحدة تحاول خرق هذا المبدأ، هذا ما يغضب الصينيين ويقومون بمناورات عسكرية في محاولة رد على أي محاولة لفصل تايوان عن الصين وهو خط أحمر بالنسبة للصين.”

ويكمل قائلا:” الصين قد تلجأ الى الحرب في حال أعلنت تايوان عن استقلالها وقد تفرض عليها حصارا كبيرا. هذه التصريحات لا تشير الى حرب مقبلة، هي مجرد استفزازات تايوانية -أميركية للحصول على تنازلات من الصين. خلال المناورات ترسل بكين رسالة نارية أنها لن تقبل بانتهاك لمبدأ الصين الواحدة، لكن أستبعد أي حرب في المدى القريب ..الصين تريد من روسيا أن تدعم موقفها بشأن تايوان كما دعمت الصين موقف روسيا بشأن أوكرانيا، هناك محاولة تأكيد على التحالف بين الصين وروسيا، خشية أن تحاول أميركا في حال عادت العلاقات مع روسيا أن تستفرد بالصين من خلال تحسين العلاقات مع روسيا وتركيز الولايات المتحدة على احتواء الصين..”

أما عن طبيعة العلاقات الصينية-الأمريكية فقد أشار عميد كلية ادارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار خوري الى أن الوضع الراهن يشهد تطورا مقلقا، نظرًا للتأثير المُشترك للمناورات الجيوسياسية والمخاوف الأمنية والاقتصادية المُتشابكة. ويُظهر الوضع الراهن تقدمًا مُتزايدًا نحو مفهوم غراهام أليسون “فخ ثوسيديدس”، الذي يُنبئ بصراع بين دولة صاعدة وقوة راسخة. أجرت الصين تدريبات عسكرية ضخمة حول تايوان كرد فعل مُباشر على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايبيه في أغسطس 2022، واعادت هذا النوع من المناورة بالأمس مع تزايد الخطاب العنيف للرئيس ترامب في الشؤون التجارية وبداية تطبيق التعرفات غير المتوافقة مع حرية التجارة، كما التهديدات العسكرية في صراعات الشرق الاوسط.

تُمثل المناورات العسكرية الصينية عنصرًا استراتيجيًا في خطتها الأوسع لتعزيز موقفها تجاه تايوان، وإشارة تواصلية للجمهور المحلي والعالمي. ويشير تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) إلى أن التدريبات العسكرية تُمثل استخدامًا مُتزايدًا لمناورات “ضغط ذوي الياقات الرمادية” المُصممة لعزل تايوان سياسيًا وعسكريًا دون اللجوء إلى الحرب. وتُحقق زيارة وزير الخارجية الصيني إلى موسكو أغراضًا رمزية واستراتيجية في ظل المشهد الجيوسياسي الحالي، حيث تسعى بكين إلى إقامة تحالف لمواجهة القوى الغربية. يكشف بحثٌ أجراه معهد تشاتام هاوس أن الصين وروسيا تحافظان على شراكة “محور تقاطع” تفتقر إلى عمق التحالف الاستراتيجي الكامل. ويعتمد التعاون بين هاتين القوتين العظميين على حسابات عملية تعتمد على أهداف مشتركة بدلاً من رؤى مستقبلية متقاربة.

وقد نشرت مجلة فورين افرز تحليلاً يُظهر أن روسيا لا تزال حذرة بشأن الوضع التايواني رغم علاقاتها الوثيقة مع الصين، لأن تركيزها الحالي على أوكرانيا يمنعها من التدخل المباشر. ويُظهر موقف موسكو نيتها استخدام التصعيد كوسيلة للضغط على الدول الغربية مع الحفاظ على توازنها الاستراتيجي مع بكين.

وتتمسك بكين بموقف حازم ضد استقلال تايوان، الذي تعتبره “خطاً أحمر” لا يمكن التفاوض عليه. ويكشف تقريرٌ صادرٌ عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن بكين تعتبر “إعادة التوحيد” عنصراً أساسياً في استراتيجيتها الوطنية، مما قد يؤدي إلى تدخل عسكري سريع في حال أعلنت تايوان استقلالها. ةتدعم الباحثة جينيفر ليند في كتابها “معضلة تايوان” فكرة أن الاستقرار في مضيق تايوان يعتمد على “توازن ردع دقيق” مدعوم بقرارات وحسابات ذات مستوى شديد التعقيد من بكين وواشنطن وتايبيه.

يمثل التوتر القائم بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان تضاربًا في الأجندات الوطنية والتغيرات في النظام الدولي. لكن من غير المرجح حاليًا نشوب حرب مباشرة بين الصين والولايات المتحدة بشأن تايوان نظرًا للتكلفة الباهظة، ولكن الوضع قد يتفاقم عرضيًا نظرًا لغياب أنظمة فعالة لإدارة الأزمات. وستبقى روسيا طرفًا ثانوياً في هذا الصراع، بحيث يعطيها فرصة لتعزيز مكانتها الخاصة من دون أن يكون لها دور جوهري في تخفيف التوترات حول الجزيرة الصينية.

وفي مقال لدكتور القانون الدولي محي الدين الشحيمي يشير الى أن الصعود الصيني يمثل حرجاً وتهديداً كبيراً للولايات المتحدة الأميركية التي تكافح بإصرار من أجل تأطير وتجميل علاقتها المتدهورة بالصين هرباً من المعركة.

ويضيف أن الصين تحولت في أقلّ من سبعين عاماً من دولة معزولة إلى واحدة من أعظم القوى الدولية. تحدّت نفسها في العديد من المبارزات الداخلية.
وطرح إشكالية: “هل تقف الصين مع وحدة أوكرانيا ضدّ التمدّد الروسي، في سبيل الحفاظ على وحدتها مع الجزيرة المتمرّدة؟”.

في النهاية، يبقى مستقبل العلاقات بين الصين وتايوان غامضًا، ويتطلب الأمر سعيا من جميع الأطراف المعنية لتفادي التصعيد وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

المصدر: اضغط هنا 

الخوري لـ” ليبانون ديبايت”: التضخم نتيجة تصحيح عبثي وغياب أي تدخّل لضبط الاقتصاد

يفسّر عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفسور بيار الخوري، لـ“ليبانون ديبايت”، أسباب هذا التضخم المفرط بأن “الليرة اللبنانية شهدت تدهورًا حادًا بعد العام 2018، حيث تراجع سعر الصرف من 1,500 ليرة للدولار إلى 89,500 ليرة في العام 2025، ما يعني انخفاضًا بنسبة متوسّطة بلغت 79.34% سنويًا”.

في المقابل، ارتفعت الأسعار بوتيرة أسرع، حيث بلغ متوسّط التضخّم السنوي، بحسب مؤشّر الأسعار الصادر عن وزارة الاقتصاد، 81.55%.

ويشير الخوري إلى أن “التكاليف المعيشية نمت بوتيرة تجاوزت الانخفاض في قيمة العملة”، معتبراً أن ما حصل في لبنان لم يكن تصحيحًا اقتصاديًا ناتجًا عن سياسات إصلاحية، بل تصحيحًا عبثيًا فرضته عوامل فقدان الثقة وغياب أي تدخّل فعّال لضبط الاقتصاد.

ويضيف: “في العادة، يؤدي انخفاض قيمة العملة إلى تعزيز القدرة التنافسية للصادرات وتقليل الاستيراد، ما يحرّك الإنتاج المحلّي. إلّا أن ما حدث في لبنان كان مختلفًا، إذ ترافق انهيار العملة مع تقلّص الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 20 مليار دولار، بعدما كان يتجاوز 50 مليار دولار قبل عامٍ من الأزمة، ما يعكس انهيار النشاط الاقتصادي بدلًا من تحفيزه”.

ويتابع: “لم تُواكب الأسواق أي محاولات لدعم الإنتاج أو تعزيز الاستثمار، بل دخل الاقتصاد في ركود عميق، حيث فقدت الأُسر القدرة الشرائية وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، ما زاد من حدّة الأزمة”.

ويشرح الخوري أن “التضخم لم يلتهم فقط المنافع المُفترضة للتصحيح النقدي، بل تجاوزها، حيث ارتفعت الأسعار بوتيرة جعلت أي مكاسب من انخفاض العملة بلا قيمة حقيقية. فحتى لو تمكّن الاقتصاد من التكيّف جزئيًا مع تراجع سعر الصرف، فإن الغياب التام للإصلاحات النقدية والمالية أدّى إلى استمرار الاضطرابات الاقتصادية، مما جعل ارتفاع الأسعار أسرع من قدرة المواطنين على التأقلم”.

ويشير إلى أنه “بدلًا من أن يؤدي تراجع قيمة العملة إلى تحفيز الإنتاج، تسبب في شلل اقتصادي وانكماش في القطاعات الرئيسة كالتجارة والصناعة والخدمات الحديثة، التي لم تستطع تعويض الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية والمصرفية”.

ويرى الخوري أنه “إلى جانب العوامل الاقتصادية الداخلية، جاءت الحرب الأخيرة في العام 2024 لتُعمّق الأزمة بشكل أكبر، حيث أدّت إلى مزيد من الانكماش في النشاط الاقتصادي الذي كان ضعيفًا أصلًا بسبب سنوات من التراجع المستمر”، مشيرًا إلى أن “الاضطرابات الحربية نتيجة العدوان الإسرائيلي تسببت في تعطيل التجارة، وتآكل ما تبقى من ثقة المستثمرين، وزيادة الضغوط على المالية العامة، ما دفع معدّلات التضخم إلى مستويات أعلى، مما جعل أي محاولة لاستعادة الزخم الاقتصادي أكثر تعقيدًا وأقل فاعلية، بعد سنوات من غياب سياسات حكومية استباقية أو استلحاقية تضمن استقرار الأسواق وتعيد تحفيز الإنتاج والاستثمار”.

للاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا 

الخوري لـ” ليبانون أون”: 3 أنواع من الصادرات اللبنانية ستتأثر بقرار ترامب

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن فرض مجموعة من الرسوم الجمركية الجديدة التي تستهدف 180 دولة ومنطقة حول العالم، في خطوة وصفها بأنها تهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي ومعاقبة الدول التي تعامله بشكل غير منصف.
وشملت القائمة، لبنان بنسبة 10%؛ فكيف سيتأثّر؟

يقول الباحث في الإقتصاد والمال، البروفيسور بيار الخوري، إنّ هناك “3 أنواع من الصادرات اللبنانية الى الولايات المتحدة الأميركية”، وشرح الخوري في حديث لموقع LebanonOn أنّ “المجهورات المصنّعة قد تكون غير متأثرة لأنّ اسواقها غير مرنة بالسعر وتتّكل على فنّيات الإنتاج أكثر منه على المعادن الخام وفيها هامش ربح مرتفع جدا”.
وتابع: “المكسرات المعالجة والسكريات المعالجة، وفيها أيضا هامش ربح متوسّط، ويتم بيعها تبعا لعلامتها التجارية، ويمكن أن تتأثّر خصوصا أنّ لديها منافسة مع تركيا”، مضيفا أنّ “الضربة القوية التي سيتلقّاها لبنان هو في تصدير الأسمدة، لأنّ هوامش الربح فيها ضيقة جدا”.

ولفت الخوري الى أنّ “التأثر الواضح للبنان (وغيره من الدول) سيكون مُحكما بقانون العرض والطلب في السوق الاميركي، لأن ارتفاع السعر سيخفّض الطلب وهذا امر طبيعي، خصوصا في الظروف التي لا قدرة للمصنّع او المستورد أن يمتصّ فيها هذا الإرتفاع”.

ويوضح الخوري أنّه “بالنسبة للمجوهرات، الناس تشتريها بحسب سعرها لأنّها موجهة الى الفئات المرفهّة؛ وبالنسبة للمكسرات والفواكهة المجفف وباقي السكريات المعالجة، الارجح أن يتمّ امتصاص الفرق بالأسعار من قبل المصنّع اللبناني والمستورد الى الولايات المتحدة لأنّ هامش الربح فيها معقول ولكنّه ليس بنسبة الهامش في بيع المجوهرات؛ امّا بالنسبة للأسمدة، فالهامش سينخفض، لأن ارتفاع الأسعار وازدياد الموردين سيضيق الأسواق”.

لمن يود الاطلاع على المقال كاملا: اضغط هنا